مثلما كانت الجائحة نقمة مع بداية انتشارها، بعد أن هزت السوق النفطية وانهارت الأسعار إلى مستويات قياسية، قد تتحول إلى نعمة مع بداية التخلص النهائي من القيود وتأكد فعالية اللقاحات المطروحة، وبالتالي بداية استئناف النشاط الاقتصادي العالمي، كما كان قبل مرحلة ظهور الفيروس، لكن يستمر التحدي الأكبر المتمثل في كبح التدفقات العالية للإنتاج وللزيوت الصخرية المضرّة بالتوازن الذي وحده يفضي إلى تصحيح الأسعار إلى حدود عادلة للمستهلكين والمنتجين.
صحيح أن الأسعار، خلال شهر أفريل الماضي، انزلقت إلى المنطقة السلبية وانهارت معها آمال المنتجين، ولم يكن أحد يتصور أن تعود من جديد وقبل انقضاء عام الجائحة، لترمم تماسكها وتتجاوز سقف 52 دولارا للبرميل، لكن «أوبك+» التي تجتمع، غدا الاثنين، افتراضيا، ستبقى حذرة وتدرس مختلف الخطوات الاستباقية للسوق، وتتفق على الكميات التي ستطرح، شهر فيفري الداخل، بعد أن لعبت في عز الأزمة الصحية والنفطية دورا كبيرا، حال دون حدوث كارثة تهوي معها الصناعة النفطية، وهذا ما مكنها خلال العام الجديد من التماسك أكثر وتتقاطع حول ضرورة تنظيم اجتماعات وزارية شهرية، بداية من تاريخ 4 جانفي الجاري، وفي خضم ذلك يرتقب أنها ستقرر مستوى الإمدادات النفطية المناسبة بعد الاتفاق على إمدادات محدودة في بداية العام الجديد تناهز 500 ألف برميل يوميا مع منح مهلة إلى غاية شهر مارس المقبل من أجل إجراء التعويضات المطلوبة لخفض الإنتاج من طرف بعض المنتجين الأقل امتثالا في الأشهر الماضية.
يرتقب بالكثير من التفاؤل قطع أشواط معتبرة في خارطة تعافي الأسواق من جائحة كورونا بفضل اللقاحات وجهود التحفيز الاقتصادي، ومع توقع نمو الطلب العالمي على النفط الخام بحوالي ستة ملايين برميل يوميا، عقب نجاحه في تحقيق تعافي من مستوى 91 مليون برميل يوميا الذي تم تسجيله في عام الأزمة، علما أنه كان قد اقترب من مستوى مائة مليون برميل يوميا في عام 2019، إذا يمكن القول أن الانتعاش في الطلب بدأ قبل نهاية عام 2020، بعد تجاوز الأسعار 52 دولارا للبرميل، في وقت ظهرت مستجدات وبدائل قد تقلب الموازين رأسا على عقب، أبرزها الطاقة الخضراء التي ستكون انطلاقتها الحقيقية هذه السنة، مدفوعة في انتشارها بقدرتها على استحداث الوظائف وحماية البيئة، فكيف سيهندس شركاء «أوبك+» لمواكبة تحول واعد واستراتيجي لمصادر الطاقة الحيوية؟.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.