يواصل الجيش الوطني الشعبي، عمليات استئصال الإرهاب من جذوره، ووضع يده على مصادره تموينه وتمويله والقضاء على أخطر عناصره وأكثرها خبرة في العمل الدموي. حيث تمكنت إحدى مفارزه، من حجز أسلحة متطورة ومعدات بجبال ولاية تيزي وزو.
في 29 أكتوبر الماضي، أكد رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق السعيد شنقريحة، من مقر قيادة الدفاع الجوي عن الإقليم، الحرص الدائم على “إستراتيجية متكاملة ومتكيفة بانسجام شديد مع التطورات الجيو-سياسية المحيطة بنا، وأننا على استعداد لمواجهة التحديات الأمنية القائمة والمحتملة”.
منذ هذا التاريخ، ودلالات تصريحات الفريق شنقريحة، تتكشف أمام الرأي العام والوطني والإقليمي، وتتجسد في الميدان من خلال ضربات قاصمة لنواة بقايا المجموعات الإرهابية وشبكات الدعم والإسناد العابرة للحدود.
فقد استطاع الجيش الوطني إلى غاية الخميس، تنفيذ 7 عمليات في غاية الأهمية ضد الإرهاب منذ صفقة مقايضة 207 إرهابي مسجون ببامكو، بتحرير رهينة فرنسية ومرافقيها زائد فدية معتبرة تراوحت بين 10 و30 مليون أورو، آخرها كشف مخابئ لأسلحة وذخيرة ومعدات حربية متطورة بجبال ولاية تيزي وزو.
أنظمة صواريخ
وأعلنت وزارة الدفاع الوطنين مساء الخميس، عن كشف مفارز للجيش الوطني الشعبي، بمناطق جبل آزان وتباولات والشعرة بولاية تيزي وزو (الناحية العسكرية الأولى)، مخابئ للأسلحة والذخيرة.
وتحتوي المخابئ على “منظومة صواريخ مضادة للطائرات من نوع ستريلا 2M, صاروخ من نوع ستريلا 2M”، والتي تمثل الجيل الثاني من صواريخ ستريلا، الشهيرة، التي تستخدم في استهداف الطائرات الحربية والمروحيات التي تحلق على ارتفاع منخفض وعلى مسافة 800 و4.5 كلم من نقطة الرمي.
وعثر في هذه المخابئ التي كشفتها المفارز من تحت الثلوج والأتربة، على “مدفع هاون عيار 60 ميليمتر، 4 مسدسات رشاشة من نوع كلاشنيكوف، 10 قذائف هاون عيار 60 ملم، 4 قذائف خاصة بالقاذف الصاروخي RPG-7 و 5 بطاريات خاصة بمنظومة صواريخ مضادة للطائرات ستريلا 2M”.
ووضعت قوات الجيش الوطني الشعبي في ذات المكان يدها على “5 قنابل تقليدية الصنع، حزام ناسف، 5 مخازن ذخيرة، 5 هياكل صواريخ هاون عيار 60 ملم، 39 هاتف نقال مجهز بقنابل تقليدية الصنع، 304 طلقة من مختلف العيارات، نظارة ميدان، 4 حواسيب محمولة ولوازم مختلفة للإعلام الآلي، بالإضافة إلى معدات تفجير وألبسة ومواد غذائية وأدوية وأغراض أخرى”.
ضربات قاصمة
وحسب وزارة الدفاع الوطني، فإن العثور على هذه المخابئ يأتي “في إطار مكافحة الإرهاب وبفضل الاستغلال الأمثل للمعلومات عقب إلقاء القبض على الإرهابي الخطير المسمى رزقان أحسن المدعو أبو الدحداح بالقرب من بلدية العنصر بجيجل يوم 16 ديسمبر 2020″.
هذا الإرهابي الخطير التي التحق بالجماعات الإرهابية، سنة 1994، سمح استغلاله بالعثور على مبلغ 80 ألف أورو (مليار و600 مليون سنتيم) في 28 ديسمبر الماضي، بجبال بوطويل بدائرة العنصر بجيجل، ” تبين أنه يمثل دفعة أولى من عائدات الفدية التي كانت محل صفقة في شهر أكتوبر الماضي بمنطقة الساحل”.
وجاء إلقاء القبض عليه، في إطار عملية عسكرية واسعة، شنتها وحدات الجيش الوطني الشعبي بالمنطقة منذ أواخر نوفمبر انتهت بالقضاء على 3 إرهابيين. وقبل هذه العملية النوعية ألقي القبض على الإرهابيين، مصطفى درار بتلمسان، والحسين ولد عمار ولد مغنية المدعو “مايس” ببرج باجي مختار (أدرار) في 28 أكتوبر و18 نوفمبر الماضيين، والمفرج عنهما ضمن صفقة تحرير الرهينة الفرنسية صوفي بترونين ومرافقيها الأوروبيين.
وفي الفترة الممتدة ما بين 30 و5 جانفي الجاري، تمكنت وحدات للجيش الوطني الشعبي من القضاء على 6 إرهابيين خطيرين بمنطقة مسلمون وتيبازة، وكل العلميات كللت باسترجاع أسلحة رشاشة وذخيرة ومعدات حربية.
شبكات ومخطط
من الواضح أن الجيش الوطني الشعبي، أثبت جاهزية استباقية عالية، في تصديه للتبعات الخطيرة، لصفقة تحرير الرهان في مالي، واللافت، هذه المرة، أيضا، أنه ضرب “عمق” و”عصب” بقايا الجماعات الإرهابية المطاردة، من خلال القضاء على عناصر قيادية وقطع كل خطوط التمويل والاتصال والدعم داخل وخارج الوطن.
وفي السياق، يؤكد الخبير العسكري، بن عمر بن جانا، أن العناصر الإرهابية المقضى عليها، والتي تحوز خبرة تتجاوز 20 سنة في العمل الإجرامي الدموي، “أثبت أنها مجرد أفراد وظيفية في أجندات تستهدف أمن الجزائر”.
وقال بن جانا لـ “الشعب”: “إن بلادنا بصدد التصدي لما حصل في مالي يوم 08 أكتوبر 2020، عندما أطلق سراح مجموعات إرهابية زودت بأموال الفدية، بفضل استغلال معلومات دقيقة ووجيهة”.
وتابع: “أن الأسلحة المهربة من ليبيا والمبالغ التي تلقتها التنظيمات الإرهابية شمال مالي، رأيناها في جبال جيجل وتيزي وزو بفضل يقظة الجيش الوطني الشعبي”. مؤكدا في الوقت ذاته: “أن ما تبقى من الإرهاب عناصر مشردة، مطاردة لفظها المجتمع وسيتم القضاء عليها نهائيا عاجلا أم آجالا”.
ويتوقع الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، استمرار العلميات النوعية في قادم الأيام لاقتلاع كل ما تبقى من المخطط الذي أراد إعادة بعث النشاط الإرهابي في الجزائر. ومن خلال المعدات التي عثر عليها الخميس في جبال تيزي وزو، يتضح أن بقايا الجماعات الدموية كانت تحضر لشيء ما في غاية الخطورة.