توّقع أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بجامعة الجزائر3، البروفيسور إدريس عطية، إطلاق رئيس الجمهورية حزمة إصلاحات ثالثة تخص النظام المصرفي والنظام الضريبي، وإصلاح الجامعة وإصلاح المدرسة والخدمات الصحية. قال إن أبواق «الفايك نيوز» التي نشرت الشك والتشكيك بين أفراد المجتمع الجزائري حول سلامة الرئيس ووضعه الصحي لن تتوقف، طالما أن هناك إرادة سياسية لإصلاح الجزائر وتنميتها.
«الشعب أونلاين»: في أوّل تصريح له عقب عودته من رحلة العلاج بألمانيا، تحدث رئيس الجمهورية عن «تراكم المسؤوليات»، هل يعني ذلك أنه سيفتح ورشات جديدة؟
بروفيسور إدريس عطية: من المنطقي أن يستكمل رئيس الجمهورية بقية الإصلاحات السياسية، لتدارك الوقت خاصة بعد عودته من رحلته العلاجية التي تجاوزت الشهرين، تزامنا بعد دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ، بعد أن حظي بمصداقية الشعب خلال الفاتح من نوفمبر الماضي.
لذلك ستكون سنة 2021 سنة إصلاحية بامتياز، لأنه ينتظر إصلاح أغلب القوانين العضوية وحتى القوانين العادية، لتكييفها مع مخرجات ومنطوق مواد الدستور الجديد، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، يمكن إصلاح هذه القوانين من تجاوز بعض نقاط الخلل في بعض المواد.
من المتوّقع، أن يذهب رئيس الجمهورية إلى حزمة إصلاحات ثالثة إلى عدة إصلاحات قطاعية مثل إصلاح النظام المصرفي والنظام الضريبي، وإصلاح الجامعة وإصلاح المدرسة والخدمات الصحية وإصلاحات أخرى سوف تمس كل القطاعات بما يتماشى وطموحات الشارع الجزائري، خاصة رقمنة العمل الإداري، ورقمنة المعاملات الاقتصادية، وخلق الأرضية المناسبة لإطلاق مسار تنموي جديد، فسنة 2021 ستكون سنة للتحدي التنموي بامتياز.
أبواق «فايك نيوز» لن تتوّقف.. بوجود إرادة سياسية لإصلاح الجزائر
– يتزامن حلول العام 2021 وإقرار دستور جديد، وعلى الأرجح سيكون عام استكمال الإصلاحات، مع ترّقب إجراء استحقاقات هامة بحجم التشريعيات والمحليات؟
من المتوّقع أن يتم خلال الثلاثي الأول من هذه السنة الإعلان عن تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة.
وهذا ما سيعطي نفسا كبيرا من خلال إعطاء فرصة كبيرة للشباب الجزائري للانتخاب والترّشح لهذه الانتخابات، خاصة وان ضمانات رئيس الجمهورية سوف تكون لصالح الشباب وسوف تلتزم الدولة بالتكفل المالي بالحملات الانتخابية الخاصة بالشباب، ما سيفضي إلى برلمان جديد يتمتع بالحيوية وقادر على تقديم جودة تشريعية هامة في إطار وظيفة برلمانية ثلاثية نيابية، تشريعية ورقابية قوّية، ومن ثم يمكن الذهاب الى انتخاب المجالس المحلية بنفس الوتيرة.
– استأنف رئيس الجمهورية عمله مباشرة بعد عودته من رحلة استشفاء. البداية باجتماع مجلس الوزراء خُصص لتقييم أداء القطاعات الوزارية، في انتظار اجتماع ثان لاستكمال العملية..؟
اجتماع مجلس الوزراء خطوة هامة في بداية هذه السنة، وكما أشرت في البداية من أجل تدارك العمل السياسي بعد عودة السيد الرئيس من رحلته العلاجية، بالرغم من أن رئيس الجمهورية كان يتابع الشأن الوطني بطريقة ثابتة وهو خارج الوطن.
لكن اجتماع مجلس الوزراء عقد لتقييم الحصيلة السنوية لعمل الحكومة، حيث أبدى رئيس الجمهورية امتعاضه من طريقة عمل بعض الولاة في بعض الولايات وأيضا أبدى عدم رضاه على طريقة عمل بعض القطاعات.
– انعقاد المجلس الأعلى للأمن غداة مجلس الوزراء يكتسي بالغ الأهمية على ضوء المعطيات المستجدة لاسيما في هذا التوقيت؟ ما قراءتك؟
انعقاد اجتماع المجلس الأعلى للأمن، يدخل في سياق وطني وفي إطار وضع إقليمي مضطرب، وأعتقد أن أي اجتماع للمجلس الأعلى للأمن يتعلق بالأمن الوطني الجزائري في كل أبعاده، الداخلية والخارجية، وفي كل مستوياته، الصلبة والناعمة وكل أنماطه، السياسية والاقتصادية والصحية والبيئية والمجتمعية.
ولا ننكر الوضع العام في البلاد، الذي يحتاج لتعزيز الأمن الصحي وترقية خدمات هذا القطاع، وكذا ديمومة الأمن الغذائي والأمن المجتمعي، بحيث كشفت أزمة كورونا عن فرص لتطوير وترقية عدة قطاعات في الجزائر مثل الصحة والتعليم والفلاحة، إلى جانب التحديات الإقليمية في المنطقة.
– تتزامن السنة الثانية من العهدة الرئاسية للرئيس تبون، وتحدّيات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي، ما هي الأولويات؟
بخصوص الأولويات هي داخلية بالأساس، وينبغي أن تتعلق بالتوجه السريع لدولة القانون، ومسارعة الخطى لبناء الثقة بين السلطة، وعموم الشعب الجزائري وتقوية الجبهة الداخلية بتلبية طموحات الأمة الجزائرية، وتمكين الوطنيين المخلصين من مناصب قيادية في الإدارة ومنح الكفاءات الوطنية مسؤوليات هامة، لإبراز قدراتهم في تسيير البلاد وتطويرها، ومنح العدالة كامل الاستقلالية لممارسة سلطة قضائية فاعلة ومنصفة، هذا الى جانب ان تفي الحكومة دائما بالتزاماتها، فالمواطن البسيط ينتظر.
والى ذلك تستلزم التحدّيات الخارجية منا نظرة ثاقبة للأحداث وتصوّر براغماتي لممارستنا الدبلوماسية وسياسة خارجية قوّية تمنحنا موقع التأثير في مسرح الأحداث، لكي لا نكون متأثرين.
– لم تسلم الجزائر ولا الجزائريين من «الفايك نيوز»، لاسيما بعد تنقل الرئيس إلى العلاج إثر إصابته بـ»كوفيد 19»، لماذا ازدادت انتشارا وما مدى استغلالها في توجيه الرأي العام؟
الأخبار المغلوطة والمفبركة والملفقة أو الفايك نيوز fake Newes، ظاهرة بدأت بقوة، منذ بداية الحراك، في 22 فيفري 2019، من أجل خلق مشهد ضبابي ومضطرب أمام الجمهور الجزائري.
لاحظنا تطوّر هذه الظاهرة مع كل المراحل السياسية التي مرّت بها الجزائر في وقت سابق، لكن منذ مرض الرئيس امتهن رواد «فايك نيوز» سواء كانوا أشخاص أو منظمات أو دول، سواء من الداخل أو الخارج، على نشر الشك والتشكيك بين أفراد المجتمع الجزائري حول سلامة الرئيس ووضعه الصحي. لكن بعودة الرئيس سالما معافى سقطت أقنعة كل هؤلاء، ومع ذلك ينبغي التأكيد أن هذه الأبواق لن تتوقف، طالما أن هناك إرادة سياسية لإصلاح الجزائر وتنميتها.
مع ذلك لن يكلّوا ولن يملّوا في برنامجهم لإقامة الشروخ بين الحاكم والمحكوم في الجزائر، وخلق إطار لتشكيك الجزائري في أخيه الجزائري، وعرقلة أي شيء ايجابي في الجزائر، ولذلك ينبغي الضرب بيد من حديد.
ولابد من صلاحيات جديدة لعدد من الممارسين الإعلاميين للرد على هؤلاء ومجابهتهم وكشف حقيقتهم ونواياهم الخبيثة، مع توفير المعلومة في وقتها للصحفيين لقطع الطريق على رواد الأخبار الكاذبة واستئصال برامجهم الخفية. وهكذا يمكن أن نحصّن الرأي العام ونحميه من هذه المتاهات التي لا تريد خيرا لا للبلاد ولا للعباد.