حذر الخبير الدولي في الأزمات وقضايا الهجرة، حسان قاسمي، من التغاضي عن تسلل المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول إفريقية نحو الجزائر، وقال إن هؤلاء ضحايا «مهرّبين» تحركهم أطراف معادية تسعى «إلى جعل بلادنا وجهة نهائية بدل أوروبا».
دعا قاسيمي، إلى «اليقظة» و»التحرك العاجل» ضد عودة نشاط شبكات تهريب المهاجرين من دول الساحل وجنوب الصحراء نحو الجزائر. وأكد أن الظروف الحالية على الحدود، لا تسمح «بالتساهل أو التهاون» مع الهجرة غير الشرعية، التي تنطوي على مخاطر وتهديدات حقيقية.
وعاد خبير قضايا الهجرة، إلى حادث المرور «المؤسف» الذي وقع بعين أمقل، بتمنراست، في 31 ديسمبر الماضي، الذي راح ضحيته 20 مهاجرا من جنسيات إفريقية، قائلا: «ينبغي أن يدفعنا ما وقع إلى التحرك لإدانة وبلهجة شديدة، نشاط الشبكات الإجرامية لتهريب هؤلاء والتي تأخذ حياتهم رهينة وتهدد في الوقت ذاته الأمن الوطني».
وأضاف قاسمي لـ «الشعب»: «ما حدث في عين أمقل، بولاية تمنراست، أمر خطير، خاصة وأننا نعيش تكثيفا غير مسبوق لنشاط شبكات تهريب المهاجرين غير الشرعيين، في عز جائحة كورونا، عبر مناطق حدودية من الجنوب نحو الشمال».
وقال: «في قلب هذه الأزمة الصحية العالمية، نكتشف أن أجانب استطاعوا الدخول إلى التراب الوطني، بطريقة غير الشرعية وبأعداد معتبرة، ودون أية رقابة طبية ولا الخضوع إلى الحجر الصحي ويتنقلون بحرية بين الولايات»، مفيدا بأنه «أمر مقلق ويمثل تهديدا للأمن الصحي العمومي، وينبغي وضع تدابير مستعجلة، لوضع حد لهذه الاختلالات».
وسجل المختص في شؤون الهجرة، «تحولا لافتا» في نشاط شبكات تهريب المهاجرين، «فهي في العادة تتحرك ليلا، لكنها في الأيام الأخيرة، باتت تنشط في عز النهار عبر خطوط تمنراست- العاصمة- أدرار، جانت- إليزي- ورقلة، وتنقل آلاف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء عبر مناطق حدودية كعين قزام، تين زاوتين، تيمياوين وجانت».
وقال إن: «نشاط هذه الشبكات في وضح النهار، يمثل مؤشرا قويا يسمح لنا بإدراك مدى حجم هذه الهجرة باتجاه بلادنا»، مضيفا أن «هذه السهولة التي تجدها تلك الشبكات تثير تساؤلات جادة، نظير قدرتها على نقل آلاف المهاجرين على مسافة 2000 كلم، باتجاه ولايات الشمال».
عاصمة للتسول
الخبير الدولي في الأزمات، أثار في المقابل قضية الهوية المجهولة لعشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال يدخلون التراب الوطني، دون وثائق ودون ما يبين سوابقهم في بلدانهم الأصلية، «وهي نقطة تستغلها شبكات تهريب المهاجرين عبر حدودنا».
وأشار قاسيمي، إلى وفاة 10 أطفال في حادث عين أمقل، كانت الشبكات الإجرامية بصدد نقلهم إلى المدن الشمالية لدول مثل الجزائر صادقت على كل الاتفاقيات الدولية المناهضة لتهريب البشر وحماية الأشخاص والأطفال لامتهان التسول في الفضاءات العمومية.
واعتبر أن غاية تلك الشبكات والأطراف التي تقف وراءها هي: «جعل الجزائر عاصمة إفريقيا للتسول، بالنظر إلى المبالغ الطائلة التي يحصّلونها، من هذه التجارة غير الشرعية التي تمس بهيبة الجزائر، وبكرامة وسلامة هؤلاء القصّر القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء».
وأوضح قاسيمي، بأنه لا ينبغي أبدا التساهل او التغاضي عن ظاهرة تسول الأفارقة في الشوارع والساحات العمومية، «لأنها قد يضع بلدنا أمام انتقادات من قبل منظمات دولية، وستحاول اتهامنا بتوسيع نشاط استغلال الأطفال وتشجيع الهجرة غير الشرعية».
بينما يؤكد المتحدث، أن تلك الشبكات الإجرامية التي تنشط في 15 دولة بغرب إفريقيا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإقناع وتوظيف الأشخاص من أجل نقلهم بطرق غير قانونية إلى الجزائر، هي التي «ترغم الأطفال والنساء على التوسل في البرد والعراء، وعلى الطرق العامة وفي ظروف لا إنسانية».
مخطط محكم
ويؤكد المتحدث، أن الهجرة غير الشرعية نحو الجزائر، ترتبط بمخطط محكم يرمي إلى جعل الجزائر وجهة نهائية لاستقرار وتوطين المهاجرين الأفارقة بدل أوروبا. وذكر، كيف «دفعت مبالغ مالية لمليشيات مسلحة جنوب ليبيا، وشمال شرق النيجر من أجل منع دخول المهاجرين إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا، وتم تحويل مسارهم باتجاه الجزائر».
وقال في السياق: «إننا أمام مخطط غربي، يهدف إلى إغراق الجزائر بالمهاجرين الأفارقة، وحتى الآسيويين وجعلها بلد وجهة وليس بلد عبور لتحل محل أوروبا».
وأوضح بأن عدد المهاجرين الذين يصلون الجزائر بات أكثر من أوروبا، «ففي 2020 استقبلت الجزائر ما معدله 200 مهاجر يوميا على حدودها الجنوبية، أي ما يمثل 6000 مهاجر في الشهر، و72 ألفا في السنة، بينما استقبلت أوروبا إلى غاية أوت 39.800 مهاجر، ما يعني أن ما تستقبله الجزائر هو ضعف ما تستقبل أوروبا».
وما يؤكد المخطط الذي يصفه بالتخريبي «وجود 42 جنسية إفريقية من المهاجرين مؤكدة في الجزائر»، والهدف من ورائها «تشكيل إثنيات إفريقية في بلادنا، ستشكل الأغلبية في المناطق الجنوبية للبلاد، ما سيخلق اضطرابات في النسيج الاجتماعي وتؤدي إلى صراعات عرقية، مثلما يحصل في بعض دول الساحل منذ سنوات».
وأفاد قاسيمي، بأن منظمات غير حكومية متواطئة، تضغط على السلطات العمومية، بمجرد استئناف عمليات إعادة هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية «رغم أنها تتم بالتنسيق وبطلب من حكوماتهم وبشكل منظم ومحكم وباحترام كامل لكرامة الإنسان».
وقال، «إن مسعى تلك المنظمات هو الإبقاء على عشرات الآلاف من المهاجرين بالإقامة مطولا ببلادنا، ما يفتح المجال على المديين القريب والمتوسط للنزاعات العرقية».
تسلل الإرهابيين
وأكد قاسمي، أن ملف الهجرة غير الشرعية، يستغل من قبل قوى معادية للجزائر، في التغطية على دعم وإسناد الجماعات الإرهابية، «حيث قامت شبكات بنقل إرهابيين من مناطق حروب وتم تحويلهم باتجاه الجزائر بغطاء مهاجرين، واتضح أنهم جواسيس أجانب دخلوا من أجل نصب خلايا للتخريب والفوضى».
ومقابل هذه التهديدات، يشدد الخبير في الأزمات، على تعبئة كل الوسائل لمواجهة هذه المخططات وسد جميع المنافذ أمامها، ويؤكد، أيضا أهمية إبقاء التعاون مع المنظمة العالمية للهجرة، وتنفيذ برامج استراتيجية، لتسهيل العودة الطوعية للمهاجرين، وضمان حمايتهم على الصعيد الإنساني.