وقّعت الحكومة الفيدرالية في نيجيريا، قبل أيام، اتّفاقية مع شركة برتغالية لتشييد سكّة حديديّة بطول 300 كلم تربط مدينتين من أهم المدن في المنطقة الحدودية بين نيجيريا والنيجر، وهما مدينة «كانو»، شمال نيجيريا، ومدينة «مارادي» جنوب النيجر.
منذ الإعلان عن المشروع، واجه بعض الانتقادات بسبب حجم التمويل الذي اعتبرته المعارضة كبيراً حيث يقدر بحوالي ملياري دولار، متهمة الرئيس بخاري بالتبذير ومحاولة تمييز الشمال الذي ينحدر منه، لكن بخاري نفى الاتّهام وأكّد بأنّ فوائد المشروع أكبر بكثير من كلفته، فهو من جهة سيساهم في تعزيز التبادل التجاري بين بلاده ودولة النيجر، خاصة وأنّ هذه الأخيرة لا تملك أي منفذ بحري، وتعتمد في جميع ما تستورده على ميناء كوتونو في بنين المجاورة، ومن جهة ثانية السكة الحديدية المرتقبة ستسدّ النقص الحاصل في شبكة الطرق الوطنية، للمساهمة في الدفع باقتصاد البلاد نحو الأمام، خاصة في الشمال الفقير.
ومعلوم أنّ الرئيس بخاري يراهن منذ وصوله الى السلطة في 2015 على النهوض بالاقتصاد من أجل مواجهة التحديات الأمنية والهجمات التي تشنها جماعة «بوكو حرام» الإرهابية في مناطق من شمال شرقي البلاد، والرهان كما نرى في محلّه، فمهما ارتفعت كلفة أي سكة حديدية فهي لن ترتفع عن فاتورة الخسائر التي يسبّبها الإرهاب ماديا وبشريا وعن كلفة الحرب المعلنة ضدّه، ومن هذا المنطلق تبدو الإستراتيجية التي يعتمدها الرئيس النيجيري لمواجهة سفّاكي الدماء مهمّة، فالسلاح وحده أخفق حتى الآن في دحر الظاهرة الإرهابية، وتبث أنّ أحدا لن يستطيع هزيمة الإرهاب في الأجل الطويل ما لم يعالج الظروف المسبّبة لانتشاره، مثل قلة الفرص الاجتماعية والاقتصادية، وانتشار البطالة والفقر والجوع، ومحدودية فرص الحصول على التعليم وعلى الخدمات الصحية، والتهميش والتمييز، وسوء الإدارة، وانتهاكات حقوق الإنسان، وغياب سيادة القانون والتنمية المستدامة، والإقصاء من المشاركة في صنع القرار..
الحرب على الإرهاب لن تنجح إلا بمحاربة كل مسبّباته، والتي يستغلّها الدمويّون لتجنيد مزيد من الشباب اليائسين من ظروفهم المعيشية الصعبة، لهذا من المهم بالنسبة للدول التي تعاني من هذه الظاهرة أن تدفع عجلة الاقتصاد المستدام إلى الأمام، وتعمل على توفير العمل اللائق للجميع للتخلص من براثن الفقر، الذي يشكّل في الكثير من الأحيان نقطة دفع نحو أحضان التنظيمات الدموية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.