لا تزال مظاهر التهميش واللامبالاة تطغى على عدد من المناطق الريفية المعزولة بولاية قسنطينة، رغم البرامج التنموية المخصصة لها، إلا أن تلك المناطق لا تزال تعاني معاناة لا تتماشى مع المشاريع الموجهة للخروج من دائرة التخلف.
“الشعب أونلاين” قامت بخرجات ميدانية لعدد من المناطق المعزولة الموزعة عبر بلديات الولاية، في مقدمتها مزرعة حجاج البشير 02 التي تعتبر احدى أكبر وأقدم مداشر بلدية أولاد رحمون، حيث يزيد عدد سكانها عن 60 عائلة.
تعاني المنطقة التي تبعد عن الولاية ب 45 كلم وعن مقر البلدية ب 02 كلم، جملة من النقائص والمشاكل على رأسها مشكل غياب خدمة الغاز الطبيعي عن مساكنهم.
هذا المشكل أثر سلبا على يوميات سكان المنطقة الذين دخلوا في دوامة البحث عن قاروات غاز البوتان، ما زاد من مشقتهم خاصة عند حلول فصل الشتاء، هذا الأخير الذي يكون قاسيا بالمنطقة في ظل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة التي تصل في بعض الأحيان إلى ما دون الصفر درجة.
الزائر ومن الوهلة الأولى يلاحظ كمية التهميش الذي يطال سكان المنطقة، فديكور المزرعة الوحيد هو عبارة عن أكوام من الردوم المتناثرة عبر كل الجهات وعلى حافتي الطريق الرئيسية، هذه الأخيرة التي لا ترقى لمفهوم الطريق المتعارف عليها، حيث أنها عبارة عن ممر ترابي غير معبد إضافة إلى أنه غير محدد بالأرصفة، يتحول شتاءا إلى برك ومستنقعات.
كما أضحت هذه الطريق مفرغة لكل ما يتعلق بمخلفات الأشغال الخاصة بالسكن الريفي فضلا عن القاذورات الموجودة على كامل الطريق المؤدي لمزرعة حجاج البشير، حيث أشار السكان إلى أنهم يعانون من غياب النظافة بفعل تراكم القمامة والأوساخ في الحاويات باعتبارها لا تكفي والعدد الإجمالي للسكان، لتنتشر بذلك الروائح الكريهة على طول الطريق فضلا عن تحول موقف الحافلات لمرحاض عمومي ومكب للنفايات ومرتع للمختلين.
السكان يعيشون وسط سلسلة من النقائص التي نغصت عليهم حياتهم تأتي في مقدمتها ندرة المياه الصالحة للشرب وانقطاعها عن حنفياتهم منذ سنوات وتحديدا منذ سنة2011، أين يلجأ هؤلاء إلى الطرق البدائية في الحصول على هذه المادة الحيوية، في ظل التذبذب الدائم، والنقص الفادح وعدم القدرة على توفير المياه.
بالمقابل يحاول سكان المزرعة التي أقل ما يقال عنها منكوبة بملأ قاروراتهم بطريقة بدائية عن طريق ينبوع يتوسطهم، يقومون بتوفير المياه من خلالها ليدفع الأطفال ثمنه، حيث يضطرون بشكل يومي للقيام بمهام تفوق قدراتهم في توفير المياه الصالحة للشرب.
وفي هذا الشأن أكدت الجهات المعنية أن السبب في تذبذب التزويد بالمياه الصالحة للشرب للسكان، راجع إلى ضعف التيار الكهربائي على مستوى محطة ضخ المياه التي تزود قرية حجاج بشير 2، وهو ما حال دون تزويد السكان وعدم وصول المياه إلى الشبكات الفرعية للمنازل، فضلا عن عطب مس الشبكة الرئيسية تسببت فيه شركة أشغال خاصة حرمت السكان من الشرب، وهو الأمر الذي تكفلت به الشركة وقامت بإصلاحه لعودة الاستفادة من المياه لكن بنسب ضعيفة.
يضاف إليها غياب الغاز عن نصف السكنات ومعاناة أبنائهم مع النقل المدرسي وغياب فضاءات اللعب ومشاكل أخرى، ينتظرون فيها التفاتة المجلس البلدي من أجل وضع برنامج حقيقي يرفع الغبن عنهم وإنصاف الساكنة الذين رفضوا الاحتجاج وقطع الطريق لتلبية حاجياتهم، حيث نصف السكان استفادوا منه إلا أن النصف الآخر لا يزال ينتظر ويواصل التزويد عن طريق قارورات غاز البوتان قائلين “نحن نعاني في غياب غاز المدينة والمياه ومعاناتنا تتعدى مصطلح منطقة ظل”.
كما يعاني أهالي حجاج بشير 02 من غياب التهيئة العمرانية، سيما وأن عدد من السكان استفادوا من من حصص السكن الريفي لتثبيتهم منذ سنة 2011 إلا أنه لا يزال يحتاج إلى تهيئة حضارية لجميع زواياه، حيث أن العديد من المسارات المحاذية للمنازل عبارة عن مطبات تتحول لخطر السقوط سيما منهم فئة الشيوخ والأطفال خاصة مع الظلام الحالك في فصل الشتاء، وهو الأمر الذي يعانون منه حاليا غياب الإنارة العمومية رغم وضع الأعمدة إلا أنها لا تشتغل وأصبح السكان عمالا متطوعين لصالح البلدية، يقومون بتشغيلها بعد غروب الشمس وإطفائها حفاظا على سلامتهم وأمنهم وممتلكاتهم من السرقات.