من يطّلع على «تاريخ الصناعة» في بلادنا يلاحظ حتما وجود محاولات تحدي للبروز في هذا القطاع بالذات، منها ما نجح ومنها ما أعيد إلى الأدراج، ومن المحاولات ما بقي حبرا على الورق مثلما حصل مع أول «سيارة جزائرية» سُميت «مينا 4»، لكن شهادة ميلادها التي كانت متوقعة سنة 1968، لم تر النور..
الثورة الصناعية في سبعينيات القرن الماضي، التي أطلقها الراحل هواري بومدين، في ظروف حرجة، ووسط محيط دولي لم يكن مشجعا.. أنتجت مركب الحجار، الذي تحول إلى قلعة لإنتاج الحديد والفولاذ، وشاهد على إمكانية النجاح الجزائري، متى ارتبط بـ»عرق تعب» وتشمير على السواعد، مثلما هو شاهد على نجاح محاولات أولى، وبإمكانيات بسيطة، مقارنة مع ما هو متاح حاليا.
هذا النموذج ناجح، رغم ما قد يقال عنه هنا وهناك، وفي فترات ترنح فيها، لكن السواعد التي لا تقبل بزعزعة صورته لم تتركه يواجه مصير مؤسسات عمومية أخرى، منها ما هو عاجز، ومنها ما اختفى من الخارطة، بسبب معاول الخوصصة التي تفنّـن فيها من كانوا يرون القطاع العام بعين واحدة، في أحسن الأحوال، أو كانوا يرونه عائقا في طريق بناء الثروة على حساب الصالح والمصلحة العامة.
في العقود الماضية حاولت السلطات العمومية إطلاق صناعة ميكانيكية، ولو محتشمة، مع صناعة آليات فلاحية ودراجات، لكن تفكيك المؤسسات العمومية إلى فروع أفقد هذه المحاولة بريقها، وزجّ بها في غياهب البيروقراطية، التي قتلت في مكان ما «مينا 4» وهي نسخة عن سيارة رونو 4، الشهيرة في السيتينيات والسبعينيات، وحتى أواسط الثمانينيات.
هذه المحاولات وغيرها، أوجدت لمن يؤمنون بإمكانية إطلاق صناعة مركبات وسيارات في الجزائر، قاعدة صناعية، موجودة آثارها في قسنطينة، وتيارت ووهران، ورويبة.
هذا «الميراث»، وغيره مما قد لا نعرفه، هو الذي يشجع وزير الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة شمس الدين شيتور، على فتح باب محاولة أخرى، من قبيل ما ضاع مشروع له ما يسنده، من خلال مشاريع طاقوية صناعية، تسمح له بتوقع هذا: صناعة سيارات وشاحنات إلكترونية في الجزائر..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.