لا يمكن للعالم عامة والشعب الأمريكي خاصة نسيان مشاهد اقتحام مبنى الكابيتول مقر الكونغرس الأمريكي وهم يستقبلون الرئيس الـ46 في تاريخ الولايات المتحدة وضمن سياق استثنائي يعيشونه لأول مرة في حياتهم. استثناء صنعه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، واستثناء آخر فرضته جائحة كورونا التي تجتاح العالم.
لكن ما صنعه ترامب كان أبلغ في الاساءة لأعرق ديمقراطيات العالم بعد رفضه نتائج الانتخابات الرئاسية، واستيقظ العالم مع بداية العام الجديد على مشاهد مروعة لاقتحام عشرات المحتجين لأحد أعرق المؤسسات الدستورية في أمريكا وتزامن ذلك مع تأكيد ممثلي الشعب الامريكي فوز الديمقراطي جوزيف بايدن ونائبه كامالا هاريس وفق ما ينص عليه الدستور.
تلك المشاهد والصور السلبية من دون شك ستكون مادة دسمة لهوليوود في المستقبل القريب، لتصنع منها فيلما واقعيا وليس فيلما تمثيليا كما اعتدنا عليه. لكن الأصعب من كل هذا، هو تحديات ستتولاها ادارة البيت الابيض الجديدة بقيادة الديمقراطي بايدن، لمواجه تركة مثقلة بالملفات الساخنة والقضايا الراهنة، وضعت ديمقراطية بلاد العم سام في حرج كبير.
التساؤل المطروح اليوم، هو كيف يمكن لـ بايدن استرجاع عظمة أمريكا مجددا؟ امام شرخ كبير يبدو أنه تبلور سابقا، لكنه تراكم خلال أربع سنوات الاخيرة، تحت حكم الجمهوريين، ويتعلق الأمر بالانقسام وسط الشعب الأمريكي، وهو ما بينته نتائج الانتخابات الرئاسية التي أفضت إلى تقارب كبير بين المرشحين بشكل أثار حفيظة الخاسر ترامب بعد اعتماد التصويت عبر البريد، واستدعى الأمر إعادة الفرز في بعض الولايات.
صحيح ان هناك اجندة ساخنة على طاولة الوافد الجديد للبيت الأبيض، لكن اولى الاولويات هو مواجهة ما يطلق عليه بايدن «الإرهاب المحلي» وهي تلك المجموعة التي اقتحمت مبنى الكونغرس، ووصف حينها تلك المجموعات بشكل همجي ووحشي، انتهكت حرمة الديمقراطية بأنها إرهاب حقيقي شوّه صورة الديمقراطية وهي تعبر عن انقسام حاد داخل المجتمع الأمريكي ما جعل بايدن يعتمد خطاب الوحدة، لتتشكل أمة متحدة، وقوية صلبة أمام تهديد ما أسماه الإرهاب المحلي.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.