أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أيام، مرسوما بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فلسطينية لأوّل مرة، منذ 15 عاما، وهو ما ينبئ بنهاية الانقسام الفلسطيني الذي منع إجراء انتخابات عامة منذ عام 2006.
تحديد موعد 22 ماي لإجراء الانتخابات التشريعية و31 جويلية لتنظيم الاستحقاق الرئاسي، يعتبر بالفعل خطوة هامة نحو تحقيق الوحدة الوطنية، ويشكل اختراقا جيّدا بعد انقسام طويل في المشهد الفلسطيني المستمر منذ 2007 ، حيث تصدّعت العلاقة بين فتح التي أصبحت تحكم الضفة الغربية، وحماس التي تسيطر منذ ذلك الحين على قطاع غزة. وقد أثّر هذا الوضع سلبا على القضية الفلسطينية التي باتت هدفا سهلا في مرمى ضربات الاحتلال الإسرائيلي وطعنات حليفته أمريكا، خاصة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي أمضى أربعة سنوات كاملة، وهو يجهز بمعاوله السامة على حقوق الشعب الفلسطيني وأركان قضيّته العادلة.
فرغم أن السياسة الأمريكية التقليدية تؤيّد إسرائيل بشكل كامل وصارخ، منذ قيامها عام 1948؛ إلا أن الفلسطينيين يعتبرون ترامب الأسوأ على الإطلاق، إذ تبنى العديد من القرارات الجائرة والمجنونة ضدّهم، بداية بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة موّحدة لإسرائيل، ونقل سفارة أمريكا إليها.
قطع كامل المساعدات عن الحكومة الفلسطينية، كما قطع المساعدات عن وكالة غوت وتشغيل اللاجئين « أونروا»، ما تسبب بأزمة مالية كبيرة للوكالة، وأوقف دعم مستشفيات القدس التي تقدم خدماتها الطبية للفلسطينيين من سكان الضفة (بما فيها القدس الشرقية)، وغزة، ومضى إلى إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن، وطرد السفير
الفلسطيني، هناك، ثم أعلن أن إدارته لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة مخالفة للقانون الدولي، إلى أن وصل إلى «صفقة القرن» الذي أراد من خلالها تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وقاد في آخر محطّة له قبل مغادرة البيت الأبيض، قطار التطبيع العربي مع إسرائيل إلى أربع دول عربية.
في ظل هذه المخاطر الناتجة عن الاحتلال والتطبيع والانحياز الأمريكي لإسرائيل، يُعتبر إجراء انتخابات المجلس التشريعي، ورئاسة السلطة الفلسطينية أمرا صائبا بل وحتميا، إذ لا يمكن استمرار الوضع الداخلي الفلسطيني على ما هو عليه اليوم من تشرذم وفرقة وضعف،ولا بدّ من إعادة ترتيب البيت الداخلي على أساس الشراكة مع فتح المجال لتجديد المؤسسات وضخّ دماء جديدة بها.
من منطلق أهمّية هذا الحدث، وجب العمل على توفير الظروف المناسبة لنجاحه، وذلك بحل كل الخلافات وجعل المصلحة الوطنية تسمو فوق كل الأطماع السلطوية .
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.