من تهريب العملة إلى الآثار والتراث مرورا بتضخيم الفواتير والغش والتصريح الكاذب، تقف إدارة الجمارك أمام تحد يقتضي الرفع من وتيرة الأداء وتحسين مقاربة العمل لحماية الاقتصاد الوطني، ليستأنف دورته محققا الأهداف التنموية المسطرة، أبرزها الرفع من معدل النمو وتوسيع فرص العمل لمختلف الفئات، في معركة الخروج من نفق أزمة النفط وكورونا.
ليس من سبيل لذلك سوى الرقمنة، باعتبارها بحق «اللقاح» الملائم للفساد البيروقراطي والتجاري والمالي، الذي يكلف البلاد الكثير ويعرضها لمخاطر لا تُحتمل، وتستوجب من إدارة الجمارك المرابطة بمواردها البشرية وعتادها الرقابي مضاعفة الجهود ضمن معايير الشفافية والمبادرة واليقظة.
مع التزام واحترافية المورد البشري، تعتبر الرقابة الذكية، من خلال وسائل وتطبيقات وبرمجيات معلوماتية مفتاح الخروج من نظام أدارة جمركية بيروقراطية تجاوزها الزمن، والانتقال إلى إدارة عصرية ذات جدران زجاجية لا مجال فيها لأي ممارسة مشبوهة أو تصرف مبهم أو كل تلك السُلوكات السلبية التي لطالما علقت بإدارة تقف اليوم أمام مسؤولياتها لحماية الاقتصاد الوطني.
إشارات كثيرة تُنتظر من هذا الجهاز لترجمة كل تلك الرؤى والتوقعات بنتائج ملموسة على مستوى جميع المواقع حيث معركة حماية المال العام لا تزال محتدمة والحاجة ماسة لاعتماد لقاح الرقمنة بنفس القوة التي يحتاج إليها الظرف الصحي الوبائي للقاح كوفيد-19، لتستمر الحياة في كنف أخلاقيات تعيد النفس مجددا للمجتمع بكامل مكوناته أبرزها ذراعه الاقتصادي، المثقل بأزمات متراكمة جراء فساد فاق كل تصور.
كلفة الفساد باهظة، كادت أن ترهن أجيالا برمتها، لذلك المعركة ضده وضد أدواته على كافة المستويات تستمر بلا هوادة، تزامنا مع الدفع بمعايير الشفافية والإدارة الجيّدة للشأن العام إلى مقدمة مسار التغيير، وفقا لمعالم المشهد الجديد الذي يرتسم في أفق جزائر الكفاءة والولاء للوطن والارتباط بالذاكرة، مصدر استلهام المناعة في وجه مخططات تنسج هنا وهناك تستهدف عرقلة عودة العجلة إلى سكة التنمية، يكون الإنسان، القيم والصرامة، قلبها النابض.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.