أمام المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، المطروح للنقاش على الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني، تحدّ كبير تواجهه هذه الأخيرة، يتمثل في تجاوز «العقم» الذي طال الحياة السياسية خلال العقود الثلاثة الماضية. كان من الضروري مراجعة ذلك القانون بغرض التأسيس لحياة سياسية جدّية تُسهّل وصول النخب والكفاءات لتسيير المجالس المنتخبة وتمكّن مختلف الفئات من المشاركة الواسعة في المجال السياسي.
الظاهر، حسب مقترحات لجنة لعرابة، أن التعديلات المقترحة ليست بسيطة بل شاملة، فلقد مسّت أكثر من 60 بالمائة من بنود القانون الساري المفعول، ما يتطلب مشاركة واسعة للأحزاب السياسية ومكوّنات المجتمع المدني لإعطاء مصداقية أكبر لمشروع القانون الجديد، وسدّ الثغرات التي شوّهت الممارسة السياسية السابقة.
اليوم ها هو حزب معارض، حركة مجتمع السلم بلسان رئيسها عبد الرزاق مقري، يؤكد «أن النمط الانتخابي الجديد الذي تضمّنه مشروع قانون الانتخابات يفسح المجال للمشاركة والتنافس النزيه بين التشكيلات السياسية والقوائم المستقلة في مواعيد الاستحقاقات القادمة».
اللجنة التي تكفلت بإعداد مقترحات مشروع قانون إنتخابي جديد ركّزت على قضايا هامة، منها أساسا، تمويل الحملة الانتخابية وتحديد شرط الحصول على 04 في المائة من الهيئة الناخبة للمشاركة في المنافسة الانتخابية واشتراط المستوى العلمي والمناصفة بين الجنسين في القوائم الانتخابية، إضافة إلى قضية مراقبة العملية الانتخابية وضمان شفافيتها. أعضاء اللجنة دافعوا عن مقترحاتهم لأنه، بحسبهم، ستمكّن مثلا من الخروج «من مأزق شراء الذمم والفساد السياسي الذي يميّز الحياة السياسية منذ ثلاثة عقود الأخيرة، وستجعل المشاركة السياسية للأحزاب التي لها وجود وامتداد شعبي، وستمكّن المرأة كذلك من الترشح للمجالس المنتخبة.
لا يختلف اثنان أن ثمّة ثغرات في مشروع القانون العضوي للانتخابات، كان ينبغي سدّها لتفادي إنتاج مجالس منتخبة لا تمثل المجتمع وليست قادرة على تنفيذ وعود تسوّق للمواطنين، بل هي عديمة الفعالية. نجاح هذه المهمة مرتبط بمدى مشاركة الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني، لأنه من غير المعقول في عهد جزائر جديدة الاستمرار في نفس ممارسات أنتجت حياة سياسية عقيمة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.