تخفي الجائحة بين طيات الآفاق والآمال المستقبلية حربا اقتصادية وصحّية شرسة وطويلة، يترقبها العالم على مضض في الأمدين القصير والمتوسط، رغم زخم الحلول ونشاط الجهود، لتجاوز صرامة القيود ومنع حدوث ضبابية قد تخفي في لبسها كسادا قياسيا غير مسبوق، يفرض سنوات أخرى من القسوة والعناء حتى تسترجع الأنفاس ويتم محو الخسائر المتراكمة. الجميع على قناعة أن الحرب المزدحمة على الوباء، لا تختلف عن الحرب على الإرهاب، لأن كلاهما يستهدف أمن وحياة البشر، لذا الحرب والجائحة إذا طال عمرهما سيكون الثمن الاقتصادي بكلفة مرعبة، تعاد على إثرها عملية رسم ملامح التجارة والعولمة بشكل جذري لم يسبق له مثيل.
الظرف حرج والتطورات مقلقة، بناء على استشراف معمق أطلقه تقرير دولي، يعتقد أن ناتج الاقتصاد العالمي مرشح لتضييع ما لا يقل عن8.5 تريليون دولار بين 2020 و2021، مما يتسبب في خسارة ما كسبه خلال أربع سنوات الماضية، في وقت الأنظار متخوفة من ألغام اللقاح، بعد انطلاق العام ببطء في التوزيع العالمي وتمرد الفيروس بنسخ «أكثر ضراوة»، مما يقلل من الثقة المكتسبة من نتائج المخابر للقفز إلى تعاف مستدام. ويكون الشك حول إيجابية المستجدات في محله لأن بداية العام الجديد مازالت صعبة على الاقتصاد العالمي وعلى وجه الخصوص في السياحة والطيران وعدة قطاعات أخرى تصارع الحياة.
توجّهات الرئيس الأمريكي الأمريكي بايدن يُحتمل أن يتم على إثرها تغيير اهتماماته وفق ما تمليه مصالح بلاده، لذا يرتقب في القريب العاجل أن يوجه رهاناته صوب قارة آسيا، بدل الشرق الأوسط الذي ظل لعقود طويلة محورا استراتيجيا تتنافس عليه الدول النافذة ونقطة تقاطع الأطماع وتجاذب الصراعات. بايدن يبحث عن المزيد من المنفعة الاقتصادية التي فقدتها أمريكا في الجائحة، وكل ما يطمح إليه سيجده في هذه القارة التي تعرف كيف تطوّع التكنولوجيا وتغيير كل ما هو سلبي إلى عوامل رابحة ومناخ إيجابي.
التقارب الاقتصادي والتحالفات المقنّعة والمتكافئة مع الشركاء الأجانب ورقة أخرى تحتاجها الجزائر لتتجاوز بدورها خناق الأزمة الصحية، لبناء مسار متين لاقتصاد متنوع يرتكز على المورد البشري والبحث العلمي وتحويل التكنولوجيا، وعن طريق جدية استكمال الحرب على الفساد، من خلال دقة وقوة تطبيق النصوص التشريعية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.