ما يحدث في تونس من تطورات متسارعة على المشهد السياسي، لا يعني البتة ان قطار ارادة الشعب نحو التغيير ينحرف عن مساره الصحيح، بقدر ما هو مخاض عسير لاستكمال مشروع شعب مستمر لإنهاء رموز الفساد والاستبداد، تسعى لإجهاض نهضة الشعب التونسي كلما اراد المزيد من التقدّم وهو على دراية تامة، ان ما يحدث هو محاولة للالتفاف على طموحاته المشروعة التي رسمتها ثورة الياسمين قبل عشر سنوات.
لا يمكن بأي حال من الاحوال ايقاف شرارة ارادة الشعب التونسي في تحقيق ديمقراطية ناشئة صنعت الاستثناء في بلدان «الربيع العربي»، وذلك من خلال اختيار نظام حكم جديد بعد تعديل الدستور، والتأسيس لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد قوامها مؤسسات دولة قوية لا يعلو فيها صوت الاستبداد على صوت المواطن التونسي.
هذا التغيير، أحدث قطيعة نهائية مع ممارسات النظام الديكتاتوري، الذي حكم تونس لعقود من زمن، كبح خلالها جماح المواطنين في التغيير وأسكت أصوات طالبت بالإصلاح السياسي، كما عطّل حلم بناء لبنة ديمقراطية، تسهم في استقرار المنطقة المغاربية بأكملها. لأن استقرار اي بلد مغاربي يعني تحقيق حلم مغرب الشعوب الذي يتربّص به الاعداء في الداخل قبل الخارج كلما بدت مؤشرات تحقيق ذلك الحلم في الافق.
تونس صنعت الاستثناء في المنطقة المغاربية والعربية عبر توحيد الصف الداخلي بعد مرور عشر سنوات على «ثورة الياسمين»، وهي سائرة في هذا النهج. فاختيار المواطنون للرئيس قيس سعيد بنسبة تصويت 74 بالمائة، كانت ضربة موجعة لأصحاب الثورة ألمضادة، الذين يسعون لتعطيل مسار قطار الشعب التونسي لمواصلة السير نحو ركب الدول النهضوية.
وما يحدث من هزات في المشهد السياسي التونسي مؤخرا تثقل كاهل الدولة وتزيد العبء على المواطن تزامنا مع ازمة كورونا، كما تؤكد الانقسام الحاصل داخل قبة البرلمان بين الاحزاب السياسية، والصراع بين الرئيس والحكومة، اثر رفض الرئاسة قبول التعديل الحكومي الأخير، وصولا الى ارسال ظرف مشبوه الى رئاسة الجمهورية كان موجها للرئيس قيس سعيد.
هذه الأحداث لها دلالات سياسية، تؤكد صعود تيار سياسي خفي يستثمر في الانقسام السياسي بين التونسيين، وهو تيار عدو الارادة الشعبية. يحاول دعم نظرية الثورة المضادة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.