الذاكرة، القلب النابض للمرجعية التاريخية، لا تقبل مساومة أو ابتزازا ولا تطاولا، ولا يمكن لتقرير أعدّ برؤية ضيقة، تخفي حسابات لا تنطلي على الضمير الجزائري الحي، أن يطمس الحقائق.
إنها حقائق تخترق الزمن وتنتقل من جيل لآخر فقد كتبت على أرض طيبة تروي جرائم ضد الإنسانية ارتكبها الاحتلال الفرنسي للجزائر طيلة 132 عام، كانت كلها اضطهادا، تقتيلا، تعذيبا، تشريدا واستغلالا للثروات ينتجها الإنسان الجزائري بعرقه ويقطفها المحتل الفرنسي بقوة الحديد والنار والتشريعات الجائرة.
تقرير بنجامين ستورا أمر فرنسي بحت، على حدّ وصف رئيس مجلس الأمة بالنيابة، لا يعني الجزائريين في خلاصته، ما عدا من باب المتابعة للاطلاع، ولذلك لا جدوى من السقوط في تحاليل ونقاشات بشأن وثيقة ملغمة أعدها محنك في التاريخ يعرف الوجهة التي يريد وتريدها النواة الصلبة من محيط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محاولة منهم القفز على تراكمات خلفها أسلافهم، تحولت إلى عقدة تطارد مركز القرار في باريس.
التاريخ بذاكرته الحية قنبلة تهدد في كل موعد انتخابي كل كترشح لقيادة الإليزيه ولذلك لا غرابة أن يمارس القوم هناك هواية التزييف والتملص، ولهم في سجلات الذاكرة باع طويل، محاولة للفوز ولو للحظة ببعض الراحة، لكن، إلى متى؟، وقد شهد شهود من أهلهم بفصول مظلمة يندى لها الجبين، تتحول باستمرار إلى كابوس يطاردهم في كل لحظة، فإلى أين المفر؟
تاريخنا، إبّان الاحتلال، يبقى سجلّا مفتوحا تقرأه الأجيال، فقد كُتب بشتى أحرف المقاومة والثورة، عنوانها البارز بيان أول نوفمبر الذي سطر الطريق إلى الخلاص بكل ما تطلّبه التحدّي من تضحيات جسام، فاتورتها مليون ونصف مليون شهيد والآلاف من الضحايا والمعطوبين، منهم يدوّن التاريخ الخالص لحامية ذاكرتنا وإعطائها المناعة، دون انتظار ما ينسجه خيال الطرف الآخر مستفيدا من فراغ الساحة وضغط الأولويات، فالذاكرة أيضا أولوية، في المدرسة والجامعة والنوادي الشبانية والإعلام.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.