أخيرا أقرت قمة مجموعة دول الساحل الخمس بأن تجفيف منابع الإرهاب في المنطقة لا يكون عبر المقاربة العسكرية دون التنمية، التي تظل الغائب الأكبر في سياسات أنظمة بعض الدول الأعضاء المستمرة في غض الطرف عن قصد أو بتقصير، في الاستجابة لإرادة شعوبها التواقة للنهضة والديمقراطية لقطع الطريق أمام القوى الاستعمارية السابقة، وإعلان ثورة تنموية شاملة تنهي استمرار سيناريو الدولة الهشة الذي يعزز استمرار الإرهاب.
قمة مجموعة «الساحل 5»، التي عقدت في ظروف استثنائية اعترفت بشكل ضمني أن التنمية هي صمام الأمان في المنطقة وليس الاستراتيجية العسكرية، وتشير المعطيات الميدانية إلى أن الجماعات الإرهابية زادت من شراستها منذ عام تقريبا عقب زيادة عدد العسكريين الفرنسيين ضمن عملية «برخان»، وهو دليل قاطع على فشل المقاربة العسكرية التي تدعمها باريس. والأدلة على فشل هذه المقاربة متعدّدة الأوجه.
والأحداث التي سبقت عقد قمة دول الساحل بالعاصمة التشادية نجمينا، أثبتت وجود فجوة خلافات بين فرنسا الراعية للعملية العسكرية ودول الساحل، حيث امتنعت تشاد على ارسال جنودها خارج الحدود رغم تعهدها بذلك في «بو» في فرنسا العام المنصرم، إلا أنها تراجعت هذه المرة بإعلانها إرسال 1200 عسكري إلى منطقة المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو المعروفة بـ «المثلث المضطرب»، ودعت شركائها الى دعم العملية، حيث كانت في خلاف مستمر حول نشر الجنود في المنطقة قبل الاتفاق على ذلك.
لكن موريتانيا التي ترأست دورة القمة السابقة أكدت نجاح الأهداف المسطرة، وقال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إن حصيلة عمل مجموعة دول الساحل الخمس كانت «إيجابية» على المستوى الأمني والتنموي. رغم التحديات على الأرض، وتعقيد الأوضاع الميدانية، وأكد أن «الجماعات الإرهابية تكبّدت خسائر كبيرة، بشرية ومادية، وخسرت العديد من قادتها البارزين».
وعلى الصعيد التنموي، قال إن مجموعة دول الساحل بالتعاون مع الشركاء الدوليين أطلقت 18 مشروعا تنمويا في المناطق الهشّة، وذلك من أصل 21 مشروعا تنمويا تندرج ضمن الخطة التي أعلن عنها في مؤتمر نواكشوط نهاية 2018. وهو ما يؤكد نجاح مقاربة التنمية إذا تعززت بإرادة سياسية حقيقة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.