الشهيد رمزُ عزّة وكرامة الجزائري، مهما كان ميله واتجاهه وقناعته إيديولوجيا أو ثقافيا ولا حتى لونه سياسيا.
تحلّ ذكرى اليوم الوطني للشهيد في وقت يحتدم فيه النقاش حول الذاكرة، لتعيد محطة 18 فيفري تصويب الجدل وتصحيح المفاهيم وإبطال أراجيف من يخوضون في تاريخ الثورة التحريرية من وراء البحر، على شاكلة بنجامين ستورا، الذي أعدّ تقريرا حسب الطلب، لكن سرعان ما فضحته الحقائق.
اليوم، تُوقّع حقيقة أخرى تتمثل في دفن رفات 6 شهداء بالحناية (تلمسان) ليكونوا لسان حال إخوانهم من المليون ونصف المليون بطل وبطلة مضوا تحت التعذيب والتقتيل والقصف بالنابالم والألغام التي تفنّـن مجرمو الحرب من الجيش الاستعماري الفرنسي في ممارسة جرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ولا تطمسها تصريحات هنا وشهادات مزيفة هناك.
إن خير وفاء للشهيد، أن تحفظ الأجيال رسالتهم الخالدة. لكن خير وفاء أن تتحرك مراكز البحث في التاريخ لإخراج كل ذلك الإرث من دائرة «النسيان» تحت ضغط التحوّلات والتطورات إلى دائرة الاهتمام والتثمين لإبراز مآثر نادرة في تاريخ الشعوب لا تتكرر ومن ثمة تستحق الإشادة بكل الوسائل، خاصة في عالم الرقمنة الذي يمنح مساحات لا متناهية يمكن أن تعكس كل ذلك الماضي المجيد وتضحيات صنّاعه.
هل يعجز الخلف عن نقل رسالة السلف بأقل عناء وأقل كلفة، مقارنة بما قدمه من حرروا الإنسان من قيود الاستعمار بكل أشكاله الجهنمية، والأرض من الاستغلال بكل بشاعته، كان شعارهم الحرية، صلب الاستقلال؟
بالتأكيد لا. وإن كان الأداء مايزال أقل مما هو واجب القيام به، خاصة من جانب الجهات المكلّفة بمختلف المسائل ذات الصلة، لتنتقل من مستوى إحياء ذكرى وتخليد معركة إلى ممارسات أكثر جدوى تقود إلى ترسيخ التاريخ في الأذهان ليكون مناعة أمام كل ما يصب في استهداف الذاكرة محاولة للنيل من تلك القيمة اللامادية، صمام أمان مستقبل الأجيال ومصدر استخلاص القوة في عالم مايزال في قبضة قوى الاستعمار الجديد.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.