كشفت دراسة جديدة نشرت في مجلة “BMC Ecology”، أن الدوائر الغامضة في الأراضي العشبية في إفريقيا تتكون في الواقع من نبات يطلق عصارة سامة في التربة عندما يموت.
وقد أجرى خبراء في جامعة بريتوريا، جنوب إفريقيا، وجامعة ITMO في سانت بطرسبرغ، روسيا، الدراسة المتميزة للدوائر الغريبة.
وتتواجد مئات الآلاف من هذه الدوائر بين جنوب أنغولا وشمال جنوب إفريقيا، حيث يتراوح قطرها من سبعة إلى 50 قدما (2-15 مترا).
وقالت البروفيسور ماريون ماير من قسم علوم النبات والتربة بجامعة بريتوريا: “هناك العديد من النظريات حول سبب الدوائر الخيالية. إنها متنوعة للغاية في الآلية لأنها ظاهرة يصعب إثباتها”.
ومن المرجح أن تكون نباتات الفربيون، المعروفة محليا باسم شجيرة الحليب، هي سبب الدوائر لانتاجها عصارة بيضاء، صمغية، السامة تتسرب من فروعها.
والفربيون عبارة عن نباتات عصارية، بمعنى أن لها أوراقا سميكة، وعادة ما تحتفظ بالمياه في المناخات القاحلة أو نوعية التربة، ويمكن أن تسبب العمى الدائم لدى البشر إذا لامست العصارة العينين.
وهناك نوعان من الفربيون، E. damarana، وE. gummifera، وربما أنواع أخرى مثل E. gregaria، والتي تطلق جميعها نسغا مقاوما للماء عند موتها، ما يثبط نمو النباتات العشبية الأخرى ويخلق دوائر قاحلة وخالية من الملامح.
ووفقا للخبراء، فإن الدوائر الخرافية قد يرجع لموت الفربيون، الذي يتفاقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وعملت البروفيسور ماير مع أربعة طلاب دراسات عليا على مدار عدة سنوات، حيث اقتربت من كيمياء التربة والسمية البيولوجية والزوايا الجغرافية.
وخلصت في دراستها إلى قناعة أن نباتات الفربيون تسببت في هذه الدوائر، وما تزال تسببها حتى اليوم.
وتقتصر الدوائر الخيالية في الغالب على شريط ضيق، على بعد نحو 30 إلى 60 ميلا (50 إلى 100 كيلومتر) من المحيط الأطلسي، والذي يمتد من جنوب غرب أنغولا، عبر ناميبيا إلى شمال غرب جنوب إفريقيا.
وكانت النظرية السائدة أن الدوائر ناتجة جزئيا عن “مهندسي النظام البيئي الجوفي” ، مثل النمل الأبيض أو القوارض.
وهناك تفسير آخر محتمل، يُعرف باسم “نظرية التنظيم الذاتي”، وهو أن التنافس على الماء يتسبب في وضع النباتات بطريقة تسمح للجذور بالوصول إلى تدفق الأمطار بشكل أفضل.
ونظرا لعدم وجود دليل علمي على النظريات السابقة، بدأت البروفيسور ماير دراسة متعددة التخصصات في عام 2015 حول تأثير أنواع الفربيون على كيمياء التربة والمياه.
ويعمل نبات الفربيون على تثبيط الإنبات ويمتلك أيضا خصائص مضادة للميكروبات ضد البكتيريا في منطقة الجذور، وهو جزء من التربة الموجود بجوار الجذور.
ويرى مجموعة من الباحثون أن النبات استعمر السهول الرملية عندما كانت الظروف المناخية مواتية أكثر في الماضي.
ونظرا لأن التربة الرملية لديها قدرة منخفضة على الاحتفاظ بالمياه، فإن نبات الفربيون سيكون تحت ضغط توفير المياه والمغذيات.
وتدريجيا بمرور الوقت، مع ارتفاع درجات الحرارة، أدى نقص المياه والتنافس على العناصر الغذائية إلى زيادة المنافسة بين هذه النباتات.
ويبدو أن تحلل نباتات الفربيون الميتة وما ينتج عنها من مادة اللاتكس اللزجة التي تنضح وتشتت، تجعل التربة الرملية المحيطة بها مقاومة للماء أو “كارهة للماء”.
ولوحظ أن البذور تنبت داخل الدوائر الغريبة وأن الشتلات تظهر بعد هطول الأمطار بشكل جيد، ولكنها تعيش فقط لفترات قصيرة بعد المطر.
ومع ذلك، يرى فريق البحث أن الدوائر ليست دائمة، حيث تتآكل ببطء السمية داخل الدوائر، مع تهاطل الأمطار في غضون عقود أو حتى قرون.