يٌشبه مدير معهد الدراسات الاستراتيجية الشاملة، عبد العزيز مجاهد، الحراك الشعبي بانتفاضة الشعب ذات ماي 1945، وله في ذلك قراءة خاصة.
في اليوم الوطني للأخوة والتلاحم بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية، اتصلنا باللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد ليدلي بشهادته بمناسبة مرور سنتين على انطلاق الحراك الشعبي، ووضع أولى لبنة لتغيير ايجابي مس الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
يقول مجاهد إن اليوم بعد مرور سنتين على الحراك تستذكرني انتفاضة الشعب الجزائري سنة 1945، عندما أدركت مجموعة من الوطنيين الملتزمين والواعين، سنتين بعد تلك الأحداث، حساسية الوضع فقررت مجموعة الـ22 انشاء المنظمة الخاصة في فيفري 1947، لإعداد برنامج كفيل باخراج الجزائر من محنتها.
ويضيف مجاهد أنه بإحداث اسقاط لوضعنا اليوم، ومن محاسن الصدف أننا نحيي اليوم الذكرى الثانية للحراك السلمي، نستطيع القول إن الشعب انتفض بعدما “بلغ السيل الزبا”.
ويرى متحدثنا أن الشعب الجزائري النزيه الملتزم، تحرك بعد أن أدرك أن المؤسسات الدستورية قصرت في آداء واجبها، وعجزت عن إيجاد الحلول للأزمة الخانقة.
وقد رفض الشعب الذهاب إلى الهاوية، فرمى بثقله في الشارع في محاولة لاسترجاع زمام الأمور.
وكان جيشه درعا إلى جانبه، حيث قاد المرحلة الحساسة إلى أن برزت عناصر وطنية ملتزمة جسدت فعلا شعار الشارع “لا واشنطن لا باريس، الشعب من يختار الرئيس”.
سنتين بعد الحراك..
يقول مجاهد أنه بعد مرور السنة الأولى من الحراك، برزت شخصيات وطنية من الشرفاء والنزهاء، أخذت على عاتقها توجيه الحراك وتأطيره في المسار الصحيح.
وهنا لابد أن نذكر الشخصيات الوطنية النزيهة التي كان لها دور في الحفاظ على استقرار البلاد، أبرزهم، يقول مجاهد، رئيس الدولة السابق عبد القادر بن صالح، المرحوم الفريق قايد صالح، وكريم يونس الذي قاد الحوار الوطني.
ولا ينسى في هذا المقام، أن يذكّر أيضا بدور المترشحين الخمسة للرئاسيات، حيث يقول إن حساسية وتأزم الظرف، كان يستدعي شجاعة كبيرة للترشح ، فالشعب كان رافضا للجميع لأنه كان يشكك في نوايا الكل.
وبعد الحوار الوطني الذي قاده كريم يونس، يقول مجاهد، بدأ الشعب يستشعر بوادر الانفراج والخروج من النفق.
وجاءت انتخابات 12 ديسمبر لسد فراغ مؤسساتي في أهم مؤسسة دستورية وهي رئاسة الجمهورية، حيث بعد تبوء عبد المجيد تبون لمنصب رئيس الجمهورية، التزم بتطبيق برنامج خروج من الأزمة، بتعبئة الشعب وتنظيمه لمواجهة جميع التحديات، واسترجاع ثقة الشعب.
“من الشعب وإلى الشعب وبالشعب”
يقول مجاهد أن 48 ولاية كانت تطالب في حراكها بتطبيق مبدأ “من الشعب وإلى الشعب وبالشعب”، الذي أساسه عدالة اجتماعية، حرية وديمقراطية.
وقد واكب برنامج الرئيس الذي تبناه لبناء الجمهورية الجديدة، هذه المطالب، إذ تمحور حول مشروعين أساسين وهما: مشروع السد الأخضر والقضاء على مناطق الظل.
ويضيف مجاهد أنه لو تمعنا في جوهر هذين المشروعين، نرى أنهما كفيلان بتحقيق شعار العدالة الاجتماعية ” من الشعب وإلى الشعب وبالشعب”، بتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الجزائريين، بل وبإشراك المواطن في الحياة السياسية واقحامه في المشاريع التنموية، للنهوض باقتصاد البلد.
عبر ..
يعود مجاهد ويؤكد على رمزية خطاب الرئيس يوم 18 فيفري، حيث يقول إن الخطاب جاء فيه مقطع أساسي يذكرنا بأحداث 45 وظهور المنظمة الخاصة، لما خاطب الشباب قائلا “أيها الشباب اقتحموا المؤسسات السياسية وادخلوا الانتخابات واختاروا من يمثلكم”.
ويضيف متحدثنا أن الدستور الجديد كرّس صلاحيات رقابة واسعة للمجلس الشعبي الوطني، محملا المواطن مسؤولية الاختيار، “فالمواطنة مسؤولية، وأنت تختار أحسن ممثل لك ليدافع عن مصالحك”.
وهنا يؤكد مجاهد أن الحكم الراشد مفهوم قد تجاوزه الزمن، فاليوم نتحدث عن ” حكم راشد محلي”، وهو أساس الديمقراطية التشاركية، التي يعتبر المواطن أهم حلقة فيها.
الديمقراطية التشاركية هي الشكل الحديث للعملية الديمقراطية، إذ تتجاوز المقاربات التقليدية، التي تعطي الأهمية لرأي الأغلبية مقابل تهميش آراء أقلية المواطنين. وتعتبر أن كل الأشخاص معننين بحق وواجب المشاركة في العمل السياسي بدون إقصاء، ولكن بطريقة منظمة و مهيكلة.
ويعطي في ذلك مثال عن مشاريع مناطق الظل، أين حملت مسؤولية التنمية المحلية للقاعدة، لأن المواطن الذي يساهم في بناء الدولة، لابد أن يكون ملتزما ومسؤولا.
ويضيف مجاهد أن المواطن استخلص الدروس أنه لابد من تنظيم نفسه.
رسالة إلى الشعب..
يقول مدير معهد الدراسات الاستراتيجية الشاملة “رسالتي واضحة، فكل الشرفاء والنزهاء من المواطنين، الوطنيين الأكفاء، مطالبون اليوم أن يتنظموا من أجل عودة الجزائر إلى مسارها التاريخي الحقيقي.
فلا ديمقراطية بدون دولة قوية ولا دولة قوية بدون عدالة قوية، ولا عدالة قوية بدون مواطن واعي مدرك لواجباته ومسؤولياته والتزاماته.
وهنا ألح على دور المواطن، لأن المواطن هو الذي ينتخب المشرع الذي يسن له القانون، الذي يعتبر العمود الفقري للدولة، وهو إسمنت المجتمع، بحكم أن القانون السليم يضع لكل مواطن واجباته وحقوقه، تجسيدا للعدالة الاجتماعية”.