مدرسة الدراسات العليا التجارية بالقطب الجامعي بالقليعة من أهم القلاع المتخصصة في تخريج النخب في مجالات المناجمنت والتسويق، ولها تقاليدها الخاصة في التأسيس للمقاولاتية والمساعدة على توظيف خريجيها.
المدرسة تستعد لإنشاء حاضنة قريبا. هذا وغيره نكتشفه في هذا الحوار مع مدير مدرسة الدراسات العليا التجارية البروفيسور عبد القادر هدير لـ”الشعب أونلاين” البروفيسور عبد القادر هدير.
مدرسة الدراسات العليا التجارية ستحتضن أوّل حاضنة بالقطب الجامعي للقليعة قريبا
نولي اهمية بالغة للتكوين المتخصص بإبرام اتفاقيات مع مؤسسات اقتصادية وإدارية
نتابع باهتمام مسار خريجي الطلبة
تؤسفنا كثيرا هجرة العديد منهم الى الخارج
حوار: علي ملزي
الشعب أونلاين: السؤال الذي يفرض نفسه في البداية، كيف تعاملتم مع وباء كورونا؟
تمّ تكييف البروتوكول الصحي الذي أعدته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع المدرسة التي تحوز نقطة قوة مهمة تتمثل أساسا في كون عدد الطلبة محدودا جدا ولا يتجاوز حدود 1200 طالب مما ساعدنا في التطبيق الصارم للبروتوكول الصحي بكل أريحية.
تم تقسيم الطلبة على دفعتين من 600 طالب لكل منهما بالتوازي مع تمكين الطلبة من الدراسة بالتناوب بوتيرة يوم بيوم، مما سمح بالتحكم الجيّد في تدفق الطلبة داخل المدرسة مع الحفاظ على التباعد الجسدي.
هل تؤهلكم هذه المعطيات لاتمام البرامج في آجالها هذا الموسم؟
نحن نتعامل بالساعات أو بالمقاييس. بدأنا الدراسة حضوريا بالنسبة للأقسام التحضيرية يوم 15 ديسمبر بحيث يتعلق الأمر بالسنتين الأولى والثانية بالتوازي مع انطلاق الدراسة عن بعد بالنسبة للمستويات الأخرى على مدار الفترة بين منتصف ديسمبر و23 جانفي.
قمنا بتهيئة قاعة خاصة لتسجيل المحاضرات من طرف الأساتذة لترسل الى الطلبة بعد ذلك عن طريق البريد الالكتروني وأرضية التعليم عن بعد.
وبهذه الطريقة كشفت عملية التقييم المنجزة مؤخرا عن تأرجح نسب اتمام البرامج بالنسبة للسداسي الأول من السنة بين 80 و100 بالمائة، ليلتحق بالدراسة حضوريا بعد 23 جانفي طلبة الجذع المشترك والتخصصات على مدار خمسة أسابيع وفق برنامج مكثف بالتوازي مع مواصلة أقسام التحضيري لدراستهم عن بعد خلال هذه الفترة كما تمّ تكوين الأساتذة الذين اصطدموا بصعوبات تقنية ترتبط بالتدريس عن بعد بالتوازي مع تنظيم أيام تكوينية للطلبة تعنى بكيفية استغلال الأرضية الرقمية وبلغنا درجة أعلى من التأقلم والتكيف مع الوضع بإقدام الأساتذة على مراجعة المحاضرات المقدمة عن بعد مع طلبتهم حضوريا ضمن حصص خاصة.
وجرى التكفل بمشكل ضعف تدفق الأنترنت على مستوى الاقامة الجامعية بتمكين الطلبة من استغلال قاعة المحاضرات بالمدرسة والتي تتميّز بتدفق محترم للانترنت وتحوز على وسائل بيداغوجية وتكنولوجية راقية، من ثمّ فقد تمّ التقييم الأولي للمرحلة الأولى من الموسم بأنها موفقة الى درجة كبيرة.
ماذا عن امتحان الدكتوراه لهذا الموسم؟
هذه السنة فتحت المدرسة 9 مناصب في العلوم المالية والمحاسبة من بينها ثلاث مناصب في تخصص توحيد المحاسبة وتدقيق المؤسسة وثلاث مناصب أخرى في تخصص تدقيق المؤسسة، اضافة الى ثلاثة مناصب خاصة بالهندسة المالية.
وفقا للرزنامة التي وضعتها الوزارة الوصية فيما يتعلق بالتسجيل على الأرضية الرقمية، تمّ استقبال أكثر من 560 ملف وبعد دراستها تمّ رفض حوالي 100 ملف لعدم تطابقها مع الشروط الادارية، وبعد دراسة الملفات من طرف لجنة التكوين تمّ الاحتفاظ بـ375 ملفا مقبولا مؤهلا لاجتياز المسابقة المرتقبة يوم 6 مارس القادم، وهوعدد قليل نسبيا يمكن التحكم فيه في انتظار النظر في الطعون المحتملة، أما الطلبة الذين يزاولون دراستهم حاليا بهذا المستوى فقد احصينا 180 طالبا في النظامين الكلاسيكي والألمدي، والاشكال المطروح على مستوانا يكمن في تأخر بعض الطلبة عن مناقشة أطروحاتهم خاصة في النظام الكلاسيكي بعد تمديد الوزارة الوصية لفترة إعداد الأطروحة إلا أنّ عددا منهم تجاوز الفترة وتأخر عن المناقشة.
المدرسة معروفة بتفتحها على المحيط الاقتصادي بصالون التوظيف المظم سنويا..
إعتمدنا منذ البداية على مشروع المؤسسة الذي يحوي على محاور أهمها المقاولاتية والابداع وقمنا بربط شبكة علاقات قوية مع المؤسسات الاقتصادية توجت بإعطاء عناية خاصة للتكوين المتخصص.
تضمن المدرسة هذا الموسم تكوينا عالي المستوى في 12 تخصصا يقوم أساتذة المدرسة بموجب اتفاقيات خاصة مع المؤسسات الأخرى بتكوين اطاراتها وفقا للحاجة المعبّر عنها.
تستفيد المؤسسات المعنية من الجوانب العلمية والمعرفية المتحصل عليها من طرف اطاراتها بالتوازي مع ضمان تربصات تطبيقية لطلبة المدرسة على مستواها.
كما يستفيد متفوقو المدرسة من الطلبة من توظيف مباشر لدى تلك المؤسسات في كثير من الحالات.
يندرج ضمن هذا التوجه الاتفاقية المبرمة مع وزارة الأشغال العمومية والنقل التي توجت بفتح ثلاث تخصصات تكوينية، واتفاقية أخرى مع مؤسسة سونلغاز مفادها التكوين حسب الطلب لأول مرّة بالمدرسة، واتفاقية أخرى مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية حول تهيئة الاقليم اضافة الى اتفاقيات مماثلة مع وزارات الصحة والعمل والضمان الاجتماعي ومجمع منشآت الأشغال البحرية والجزائرية للطرق السبارة والمعهد الوطني للعمل وغيرها من المؤسسات الاقتصادية والخدماتية في البلاد، ونتوخى ابرام اتفاقيات مماثلة مستقبلا مع جميع القطاعات وفقا للاستراتيجية المسطرة في هذا المجال.
هل من متابعة لمستقبل الطلبة بعد تخرجهم من المدرسة؟
شرعنا في دراسة عملية منذ العام الماضي مفادها تقفي أثر طلبتنا المتخرجين منذ عدّة سنوات خلت لمعرفة وجهاتهم ومسالكهم في المحيط العملي.
تهمنا كثيرا وضعيات الطلبة الذين نجحوا في انشاء مؤسسات خاصة بهم لعرض تجاربهم على الخلف، إلا أنّ الاحصائيات الرسمية لم تكتمل بعد ولا تزال الدراسة جارية حاليا.
نتأسف كثيرا لكون نسبة كبيرة من النخبة التي تخرّجت من المدرسة التحقت بالعديد من البلدان الخارجية التي تطمح للاستفادة من خبراتهم، ومن ثمّ فنحن مطالبون باعتماد سياسة وطنية للجامعات خصوصا حينما يتعلق الأمر بالمدارس الوطنية مثل ما هو حاصل بمدارس تكوين الأساتذة الذين يوجهون مباشرة للتوظيف بالمؤسسات التربوية.
يقتضي توقيف نزيف المتخرجين للخارج ضمان توظيف نسبة مقبولة منهم لاسيما حينما يتعلق الأمر بخريجي المدارس الوطنية، مع الاشارة الى أنّ الطالب في المدرسة الوطنية يكلف خزينة الدولة مبالغ مالية تعادل 7 مرات ما يتم صرفه على الطالب بالجامعة العادية ومن ثمّ فلابد من الاستثمار في الطالب عقب تخرّجه.
بالنسبة لدار المقاولاتية المنشأة بالمدرسة منذ خمس سنوات، هل قدمت الاضافة؟
إنّ اهم فكرة نسعى لغرسها في ذهن الطالب منذ الفترة الأولى من دراسته بالمدرسة هي تطوير وتنمية فكرته وبناء مشروعه الخاص لإنشاء مؤسسة مستقلة بعيدا عن عالم التوظيف.
هي المهمة التي تكفلت بها دار المقاولاتية، التي التزمت بغرس روح المقاولاتية في أذهان الطلبة، مع الاشارة الى ابرام اتفاقية مع وكالة دعم وتنمية المقاولاتية على مستوى ولاية تيبازة تلتزم وفقها ذات الوكالة بتكوين الطلبة وتمويل حاملي المشاريع منهم.
كما يستفيد الطلبة أيضا من تكوين مكمل بتأطير من إطارات كفئة من مؤسسات مختلفة.
المقاولاتية تطورت كثيرا في الفترة الأخيرة بالجزائر. كيف تأقلمت المدرسة مع الواقع الجديد؟
نحن بصدد إنشاء حاضنة على مستوى المدرسة وهي الاولى من نوعها على مستوى القطب الجامعي للقليعة الذي يحوي 5 مدارس عليا.
تعتبر من بين الحاضنات القلائل التي تعتزم وزارة التعليم العالي إنشائها على مستوى المؤسسات الجامعية، وبوسع ذات الحاضنة تقريب الطالب حامل الفكرة من المؤسسات القادرة على تبنيها من خلال المرافقة التقنية، وتكون الحاضنة بذلك نقطة التقاء بين الطالب والمؤسسة التي تحوز على الأموال وتفتقد للأفكار القادرة على حلحلة مشكلاتها.
حاليا حصلت المدرسة على إعتماد الحاضنة ولم يتبق لنا سوى بعض الاجراءات الادارية المرفقة، كما أننا بصدد ابرام اتفاقيات مختلفة مع المؤسسات الاقتصادية المحيطة بالمدرسة وكذا قطاع التكوين المهني لتمكين الجميع من الاستفادة من الحاضنة.
بالنسبة لمخابر البحث بمؤسستكم، هل وُفقت في انتاج بحوث مميّزة؟
تحوز المدرسة حاليا مخبري بحث متخصصان في المناجمنت والتسويق ولهما علاقات مباشرة مع التخصصات الموجودة بالمدرسة.
نقاط القوة التي تحوز عليها المدرسة تكمن في قدرة مخابر البحث على توفير تكوين مميّز لاطارات المؤسسات المتفق معها في اطار التكوين المتخصص بحيث تتعلق الحاجة المعبر عنها غالبا بالمناجمت والتسويق.
ومن ثمّ فإنّ المخبرين يساهمان بجدية في عملية التكوين بالتوازي مع تنظيم أيام دراسية اوتكوينية وكذا نشر مجلة تحوي على تقارير ومقالات بحثية مصنفة في الدرجة (C)، وكان المخبران قد أنتجا 7 مشاريع بحث سنة 2018 و5 مشاريع أخرى سنة 2019 و4 مشاريع للسنة الحالية وذلك في اطار مشاريع البحث الجامعي المعتمدة من طرف المديرية العامة للبحث العلمي بالوزارة الوصية.
ما هي أفاقكم المستقبلية؟
بالتنسيق مع الوزارة الوصية وتبعا للتعليمات التي يسديها وزير التعليم العالي والبحث العلمي نسعى دوما لخدمة الأستاذ والطالب والعامل ونأمل في ان تكون المدرسة معروفة على المستويين الوطني والعالمي بنوعية الانتاج العلمي الذي توفره.
وهو الانتاج الذي يرتبط اساسا بنوعية التكوين والبرامج المعتمدة أيضا، وخطة العمل القادمة ترتبط بإعادة النظر في التخصصات الموجودة مع إمكانية فتح تخصصات جديدة حتى تتماشى ومتطلبات سوق الشغل في الجزائر ومتطلبات المستوى العالمي.
اضافة الى مراجعة برامج التكوين التي يجب أن تخضع للمتطلبات المستقبلية التي يحتاجها الطالب، وتشجيع البحث العلمي من خلال تخصيص فضاء مجهز للأساتذة الباحثين وطلبة الدكتوراه من أجل خلق بيئة عمل مناسبة تساعدهم في إنجاز بحوثهم.
وقد تجلى هذا المسعى في عملية تحسين وضعية المرفق العام بالمدرسة في الفترة الأخيرة لاسيما ما تعلق منه بتجهيز قاعات التدريس وقاعة المناقشات لأطروحات الدكتوراه بالوسائل البيداغوجية الحديثة وكذا تجهيز عيادة طبية داخل المدرسة تؤطرها طبيبة عامة وطبية أسنان وطبيبة نفسانية، اضافة الى تجهيزات مكملة بالفضاءات المرفقة للمدرسة تتيح للطالب مزاولة دروسه في ظروف مريحة.