أعلن رئيس وزراء بوركينا فاسو، كريستوف دابيريه، أنّ حكومته لا تستبعد الدّخول في مفاوضات مع الجماعات الإرهابية، وهي فكرة كانت هذه الدولة الفقيرة الواقعة في منطقة الساحل الافريقي السّاخنة ترفضها برغم الهجمات والضّربات الشّديدة التي تتعرّض لها من طرف الدمويين منذ 2015، والتي خلّفت آلاف القتلى وتسبّبت في نزوح أكثر من مليون شخص.
دابيريه، برّر هذا القرار الصّادم للكثيرين بقوله أمام البرلمان: «كل الحروب الكبرى انتهت حول طاولة المفاوضات..هذا يعني أنّنا إذا أردنا الخروج من هذا الوضع، يتعيّن علينا عاجلا أم آجلا التفكير في إمكانية أن نبدأ مناقشات»، مشيرا إلى «أنّه حتى الدول الكبرى وصلت إلى وقت اضطرت فيه للجلوس حول طاولة مع الإرهابيين».
وغير بعيد عن بوركينافاسو، جّدد رئيس الوزراء الانتقالي المالي، مختار عوان، رغبته في الحوار مع الجماعات الإرهابية، وعلى غرار تصريحات أدلى بها أثناء استقبال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في أكتوبر الماضي، أكّد عوان توافقاً في مالي على ضرورة الانخراط في حوار مع الجماعات الارهابية التي تنشط في مالي وفي المنطقة بأسرها.
وقبله كان الرئيس المالي السابق إبراهيم أبوبكر كيتا الذي أطيح به في أوت الماضي، قد أقرّ للمرة الأولى بفتح قناة للتواصل مع إرهابيّين بعد أن استعصى مواجهتها بالسلاح وحتى بمساعدة الآلاف من القوات الأجنبية والفرنسية على وجه الخصوص.
وقال كيتا إنّ «عدد القتلى في منطقة الساحل يرتفع بشكل مطّرد وقد حان الوقت لاستكشاف قنوات جديدة كانت مرفوضة سابقا».
لا شكّ أنّ خيار مفاوضة الدمويّين، يشكّل بالفعل صدمة وضربة قاصمة للحرب المعلنة على الظاهرة الارهابية المرعبة التي حوّلت حياة ملايين الناس إلى جحيم، لأنه يضع الدول وجيوشها في موقف ضعف أمام دمويين كلّ همّهم من وراء عملية التفاوض هو الابتزاز قصد الحصول على الأموال في إطار ما يسمى بالفدية، ونعود هنا إلى آخر صفقة عقدتها السّلطات الانتقالية المالية مع إرهابيين في الخريف الماضي، حيث أطلقت سراح 200 دموي موقوفين عندها، مقابل الافراج عن رهينة فرنسية، وعن السياسي سومايلا سيسي الذي توفي لاحقا. وقد أشارت مصادر حينها، إلى أنّ باريس كانت تقف وراء الصفقة ما يطرح علامة استفهام كبرى حول جدّيتها في تنفيذ التزاماتها بمحاربة الإرهاب، خصوصا وأنه ليست هذه المرة الأولى التي تكشف فيها الأحداث عن تفاوض فرنسا مع منظمات إرهابية، وعن قيامها بمنح أموال على شكل فديات، في إطار صفقات «تحت الطاولة»، رغم أنّها علنيا تؤكّد رفضها المطلق لمفاوضة الإرهابيين.
كما نعود لعمليات الخطف التي تلجأ إليها جماعة «بوكو حرام « في نيجيريا، إذ تهاجم في كلّ مرة مدارس وتخطف فتيات لتطلق سراحهم بعد أن تحصل على أموال، وقد استحلى الإرهابيّون هذه العمليات التي تذرّ عليهم ثروات كبيرة، في حين أنّنا لا نرى نتيجة ملموسة تجنيها أنظمة السّاحل من فتح قنوات حوار مع الإرهابيين، غير ضمان بقائها في السلطة، وجعل الحرب على الإرهاب تدور في حلقة مفرغة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.