ثلاث جامعيات من بشار اخترعن جهازا يحول النفايات الى آجر وبلاط لتزيين الأرصفة والطرق. تابعوا قصتن الفريدة..
مداني بشرى إسلام (ماستر فيزياء طاقوية وطاقات متجددة)، موساوي خديجة (مهندسة في الميكانيك وتقني سامي في المحاسبة) زهرة بلمير (مسؤولة تسويق في شركة “إ آف برايت”)، جامعيات من ولاية بشار، ابتكرن مشروع يستهدف القضاء على نفايات البلاستيك وتحويلها إلى لبنات الآجر وبلاط لتزيين الأرصفة والطرقات، تحقق المشروع وتم إنتاج كميات من الآجر وحجارة الرصيف، لكن توقف فجأة، وخيّم الاكتئاب عليهن.
لن نترك شيء من نفايات البلاستك
تروي بشرى بدايتهن مع المشروع، فتقول: كنا مجموعة من الجامعيين من مختلف التخصصات، تخرجنا من دار المقاولاتية، بعد تلقينا لعدة تكوينات، تتعلق بإيجاد فكرة المشروع، وكانت في البداية عبارة عن شيء نظري وليس تطبيقي.
بعد ذلك جاءت الفرصة لنشارك في مسابقة إنجاز الجزائر التي احتضنتها مشتلة بشار، و بعد تصفية الفكرة وجدنا أساتذة ساعدونا ومهندسين وتقنيين، ومنحونا آلات ومكان للعمل، رفعنا التحدي لنجسد فكرتنا التي آمنا بها ودخلنا مرحلة تجسيد واختبار المواد التي نستخدمها، في البداية اعترضننا عوائق، من حيث أننا فتيات يقتحمن مجال البناء، وكوننا من اختصاصات أخرى.
وهناك من سخروا من فكرتنا وراهنوا على فشلها.
بدأنا في جمع البلاستيك، وبعد عدة محاولات تمكنا من إنجاز لبنات الآجر و بلاط لتزيين الأرصفة والطرقات، وكان ذلك بالنسبة لنا نتيجة مذهلة، خصوصا أن منتجنا غير متوفر في السوق الجزائرية، ويتميز بالقوة والجودة والصلابة، تواصل بشرى حديثها، شاركنا بهذا المنتوج في مسابقة إنجاز الجزائر.
وتحصلنا على المرتبة الحادية عشر وطنيا من بين 48 مجموعة شاركت من مختلف ولايات الوطن.
ويعود السبب لحصولنا على هده المرتبة هو أن المسابقة اشترطت تسويق كمية معينة من المنتوج، وهو ما لم نستطع فعله بحكم عدم توفرنا على المال، وكان السبب الذي جعلنا نتدحرج إلى المرتبة الحادية عشر.
أجبرتنا الظروف على بيع الخبز اليابس
تقول بشرى: مولنا المشروع في بدايته بمنحتنا الجامعية، و كنت أنا مسوؤلة المشروع، متخرجة من الجامعة قبل سنة وعاطلة عن العمل.
ذهبنا إلى مشتلة المؤسسات ببشار، وقدمت لنا المساعدة فيما يتعلق بالجانب الإداري، ولأننا لم نتمكن من توفير المبلغ الكافي لتمويل مشروعنا، الذي تقدر تكلفته بحوالي 3 ملايير سنتيم، فقمنا بتجميده، في إنتظار حصولنا على الدعم .
تشير بشرى إلى أن أحد الدكاترة، وهو من دولة تونس، ومقيم بفرنسا، أعجب كثيرا بالمشروع، واستغرب كيف تضيع هذه الفكرة ولا تجد من يقدم لها الدعم لتتجسد على أرض الواقع.
وقالت: تم تكريمنا من قبل وزارة البيئة، وكان ذلك التكريم الذي حظينا به في المسابقة الوطنية للمدينة الخضراء، كدافع لنا، في وقت لم نتلق أي دعم مالي أو حتى معنوي من الجهات المعنية في ولايتنا، ولو بمبلغ بسيط ندفعه لسيارة تاكسي لنسافر الى الجزائر.
وهو ما حز في نفسي وأجبرت إلى أبيع الخبز اليابس لأتمكن من توفير مبلغ وسيلة النقل والسفر إلى الجزائر العاصمة للمشاركة في المسابقة.
وترى المتحدثة أنه في ظل إنعدام حاضنة لتمويل المشاريع، في ولاية بشار، كما هو الحال في ولايات أخرى قامت بتمويل عدد من مشاريع الشباب، ورافقتهم حتى في تعثراتهم، وختمت حديثها قائلة : نطلب من الدولة أن توفر لمجموعتنا التكوين المتخصص في مجال تسيير المؤسسة، في المجالات المتخصصة بمشروعنا، وذلك لكون التكوينات التي تقدمها المشتلة عامة ، ومشروعنا تطبيقي يحتاج إلى تكوينات متخصصة، في تسيير المواد وتسيير الإنتاج، خصوصا أنه من بين الأسباب التي حالت دون نجاحنا في المسابقة الوطنية هي انعدام الممول لتجسيد مجسم المشروع بصفة احترافية على غرار المتسابقين الآخرين الذين تمكنوا من إيجاد ممول لأفكار مشاريعهم حيث قدموها بصورة أفضل.
أشير إلى أننا قد قمنا بالدراسة الأولية بمالنا الخاص أما الدراسة المعمقة لتجسيد المشروع، فتكلفنا حسب الاختصاصيين 50 ألف دينار، ونحن لا نملك هذا المبلغ، لكوننا طالبات متخرجات حديثا، وبدون عمل .
نراهن على جودة الإنتاج ونجاح المشروع
خديجة تقول أن هذا الآجر ، يستوفي خصائص جيدة، حرارية و اقتصادية وايكولوجية صديقة للبيئة، وعند استخدامه في بناء المنازل، يعطي جوا معتدلا، بحيث يقلل من استعمال المكيفات في الشتاء، والمبردات في فصل الصيف، بالإضافة إلى أسعاره المنخفضة مقارنة بغيره من أنواع الآجر المعروضة في السوق، وتضيف، أما عن بلاط الأرصفة والطرقات ” البافا” فلديه خاصية المرونة والمقاومة، ويمكن استعماله في المطارات، تواصل خديجة حديثها، فكرنا في صنع آلة خاصة لإنتاج هذا “البافي” خاصة وأني مختصة في الميكانيك، لكن مشكل التمويل كان عائقا كبيرا بالنسبة لنا، رغم أن أحد المقاولين من ولاية تيزي وزو إتصل بنا وعرض علينا تمويل المشروع، لكنه إشترط علينا أن نكون مجرد موظفات .. ونحن صاحبات المشروع.
أما مسؤولة التسويق زهرة بلمير، فتطالب الدولة بأن تمنحنهن قطعة أرض خارج المدينة لبناء المصنع، خصوصا أن ولاية بشار تمتلك مساحات من الأراضي التي يمكن استغلالها في إطار الاستثمار، وتقول بأنها تراهن على نجاح المشروع .