تتّجه السّلطة التنفيذية الليبية الجديدة إلى إرساء توجّه جديد في التعامل مع تحديات الحوار السياسي لإخراج البلاد من أزمة عميقة بدأت معالم انفراجها تلوح في الأفق، وبإعلان رئيس الحكومة الليبي المكلف عبد الحميد الدبيبة، تسليم تشكيلته الحكومية إلى مجلس النواب قبل جلسة ثقة مقرّرة بعد غد الاثنين، يتأكّد التزامه ببنود الحوار السياسي في تونس، واضعا أصوات التشكيك في نزاهة نتائج الحوار في سلة اللامبالاة.
مكتب الدبيبة قال في بيان التزامه بخارطة الطريق المحددة في الاتفاق السياسي، ولم يذكر البيان أي أسماء مقترحة للحكومة، وقد يكون ذلك راجع إلى حالة احتقان تريد أطراف تأجيجها لتحريك المياه الراكدة دون منح فرصة لجس نبض نوايا السلطة الجديدة الالتزام بوعودها.
هذه الوعود تتجسّد في الميدان يوما بعد آخر وفق خارطة طريق الحوار السياسي التي يترجمها المسؤولون الجدد على رأس المجلس الرئاسي والحكومة لتحقيق استقرار في المشهد السياسي والأمني، يوحي تماما بإنهاء الصراع المحتدم على السلطة منذ سنوات بين طرفين أخّرا تسوية الأزمة وزادا من عمق جراح الليبيين.
لكن مع تأكيد عقد جلسة لمجلس النواب للتصويت على منح الثقة للحكومة، في سرت الواقعة بين طرابلس (غرب) وبرقة (شرق)، وهما المنطقتان اللتان تتنازعان السلطة في ليبيا على خلفية تدخلات أجنبية، فإنّ الصراع أمام نهايته، وليس نهاية الأزمة كما يرى كثيرون، إلا أن هذا التقدم مؤشر على تحقيق تفاهمات شاملة بالاتفاق على أرضية تمهد لنجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية العام الجاري.
وأمام الدبيبة مهلة حتى 19 مارس للحصول على ثقة مجلس النواب قبل بدء التحدي الأصعب المتمثل في توحيد المؤسسات وقيادة المرحلة الانتقالية حتى موعد الانتخابات، في وقت يسعى المبعوث الأممي يان كوبيتش إلى إقناع القوى الدولية الفاعلة وعلى رأسها روسيا وتركيا وأمريكا، غير أنّ واشنطن بدأت نهجا جديدا في الملف الليبي بدعوتها إخراج القوات الأجنبية منذ انتخاب بايدن، بما يفهم أنه تصحيح لخطأ واشنطن في عهد إدارة أوباما التدخل عسكريا في ليبيا بحجة حماية «الثورة»، لكن القرار يؤدي لإنهاء الأزمة بعد طي صفحة الصراعات القيادية في المرحلة الراهنة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.