فرنسا اغتالت المناضل المحامي علي بومنجل وقبله الشهيد العربي بن مهيدي وغيرهما ممن وقّعوا بالدم ولاء أبديا للجزائر، لا مقايضة ولا مساومة، قدموا الغالي والنفيس ليسترجع الشعب الجزائري حريته وكرامته وسيادته.
اعتراف ماكرون بصنيعة بيجار وأوساريس، تزامن مع شهر الشهداء، مارس، عظماء سقطوا خلاله على درب التحرير، لينتزع التاريخ مكانته في مشهد الذاكرة، في انتظار تقديم اعتذار مستحق، يقاومه وراء البحر، بقايا حراس الفكر الاستعماري، عقدتهم الأبدية ثورة أول نوفمبر، بكل تلك التضحيات العظيمة، عنوانها الكبير الجزائر أرضا وجنسية وسيادة.
ذلك الجيل النادر، الذي وُلد من رحم مقاومة شعبية بدأت منذ أول يوم للغزو الفرنسي بكل همجيته وجرائمه ضد الإنسانية، لخص في حلمه وملحمته وبطولاته كل التطلعات أبا عن جد في رفع لواء الجزائر عاليا بألوانه الرمز، فلم يفاوض ولم يساوم، معرضا عن كل إغراءات، رافقتها حروب نفسية فشلت أمام صدق الانتماء وإخلاص الوفاء.
مثل تلك الرموز تتعرض لمحاولات اختطاف من جهات مشبوهة وراء البحر تتاجر بها عبر المنابر المفتوحة، للنيل من مكاسب البلاد أبرزها، السيادة الوطنية، في وقت تواجه فيه الجزائر تحديات، الانتقال إلى نظام ديمقراطي يقوم على مؤسسات دستورية منتخبة، قلبها النابض المواطن، من خلال انتخاب ممثليه بكل سيادة وحرية بعيدا عن مغالطات أو ترويج لمشاريع وهمية يجري طبخها في مخابر أجنبية مهمتها ضرب البلدان الناشئة لتحويلها إلى أسواق أو مصب نفايات.
تلك الرموز لها من التقدير والتبجيل أكثر من تحويلها إلى شعارات، ومنها فقط تُستمد تلك الروح الخارقة لكسر كل ما له صلة بالفساد، آفة التنمية، التي أوصلت البلاد إلى حافة خطر أمكن تفاديه قبل سنتين من خلال ديناميكية احتجاج أبطلت مفعول مشروع سياسي انتحاري، يجري اليوم معالجة آثاره، مسألة تتطلب التفاف كل القوى الوطنية الصادقة لإنجاز مسار التغيير، بكل جوانبه، ينطلق من حراك على مستوى السلوك الفردي وأداء المجتمع وصولا إلى حراك انتخابي يبني مؤسسات ذات مصداقية.