يعني مصطلح مسؤول في اللغة العربية ذلك الذي يكلّف بمهمة، بمسؤولية، ويُسأل عن نتائج عمله. لكن نعرف أن المسؤول في مراحل كثيرة من تاريخ ممارسة السلطة في بلادنا، لم يكن يُسأل. فالرقابة الفعلية ظلت ناقصة غير فعالة أو غائبة تماما، حتى وإن نصّ عليها الدستور دائما. بل، والمسؤول في مختلف المستويات، ظل ردحا من الزمن «محميا!!» من المجتمع ومن النقد الإعلامي، بل وحتى من المحاسبة.
اليوم تغيّرت الأوضاع بشكل ملموس وصار الرئيس عبد المجيد تبون لا يتحرّج من أن يُسأَل من قبل صحافيين في قضايا، كان يعتبرها الكثير من الناس ومن الإعلاميين ومن السياسيين موضوعات «محرّم» الخوض فيها أو تناولها.
وفعلا فعندما يتحدث الرئيس في قضايا سياسية وفي قضايا استراتيجية وفي مسائل العلاقات الدولية وفي مسائل شخصية وبلا حرج، مثل الحديث عن حالته الصحية، ومسألة صحة الرئيس، في جل بلدان الدنيا موضوع سر استراتيجي، وعن علاقته بالجيش وعن قرارات اتخذها وكانت محلّ آراء وتقديرات مختلفة، ومنها التعديل في الحكومة، وحتى العلاقة مع فرنسا وعن مسائل وقضايا كثيرة، فهذا يعني أن مسار التغيير يمضي بثبات.
وإذا فتح الرئيس هذا الباب، فمعنى ذلك أن على جميع المسؤولين في كل المستويات أن لا يرفضوا أن يُسألوا من قبل الجهات المخوّلة قانونا ومن قبل وسائل الإعلام ومن المواطنين، في إطار ما يسمح به القانون.
والواقع أن التغيير يبدأ من «السُّؤال» ومن الرقابة والـمُحاسبة، وكان من الضروري أن يكون هناك عمل بيداغوجي سياسي من الرئيس، لكي يعلم كل مسؤول أنه ليس محميا من «السؤال» ومن المحاسبة.
اليوم، كما نعلم، الكثير من المسؤولين يُحاسَبون والكثير من الملفات ستُفتح، وحتى استعادة الكثير من الأموال المنهُوبة، في الداخل وفي الخارج، ينبغي استمرار العمل من أجل تجسيدها.
إن بناء مؤسسات دولة قوية في حاجة لعمليات تطهير منظّمة ومنتظمة وفي حاجة لقيام آليات رقابة سياسية وقانونية وفي حاجة لحماية المؤسسات بالقانون وحماية الناس من التسلّط ومن الظُلم في شتى أشكاله.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.