مرّت عملية التحضير للتشريعيات المسبقة بعد حلّ المجلس الشعبي الوطني إلى سرعة متقدّمة باعتماد مشروع قانون النظام الانتخابي الجديد، ملبّيا تطلعات الطبقة السياسية بأبعادها الراهنة من توفير فرص للشباب والكفاءات بما يقود إلى إعادة بناء مؤسسات شعبية ذات مصداقية مطابقة لمعالم توجّهات الجزائر الجديدة.
هذه النقلة النوعية، التي ترافقها أرضية قانونية أخرى تتعلق بالدوائر الانتخابية بعد إثراء مشروع المرسوم ذي الصلة، حرصا على المطابقة مع التوزيع الديمغرافي والتقسيم الإداري الجديد بعد أن أصبح بـ 58 ولاية، من شأنها أن توفر المناخ الملائم لممارسة حراك انتخابي جواري تكون فيه الكلمة للناخبين لاختيار ممثليهم بكل حرية وديمقراطية لشغل مواقع المشاركة في البناء المؤسساتي على قواعد سليمة وشفافة.
أكبر مكسب، يتمثل في تضييق الخناق على المال الفاسد بإبعاده نهائيا من «الملعب الانتخابي» وتطهير الأرضية السياسية من نفوذ المال ولوبيات المصالح، تأسيسا لمسار أخلقة الحياة العامة بكل ما تعنيه من تحرير للمرفق العمومي من البيروقراطية، قاتلة الأمل، مغذية الغضب، وإعادة الاعتبار للمواطنة، عماد الاستقرار الذي يشكل قاسما مشتركا يحفظ التوازنات الاجتماعية ويضمن تكافؤ الفرص وتكريس الشفافية في إدارة الشأن العام على مختلف مستويات الهرم.
البقاء في محطة الاحتجاج بكل ما حققه من نتائج تمت تلبية للعديد من مطالبه والبقية قادمة ضمن معادلة الإصغاء لمطالب الشعب، تترتب عنه تداعيات من شأنها إعاقة الديناميكية المتدرّجة للتغيير، يخدم بالتأكيد أدوات العصابة بكل أصنافها، لذلك، فإنّ الانتقال من الشارع إلى المؤسسات، ميدانا للتعبير عن الإرادة الشعبية في إطار الضمانات الدستورية، من شأنه صيانة شرعية المطالب ومسلكا لتجسيدها عبر إصلاحات تشريعية وتنظيمية، جوهرها مصالح البلاد في زمن عولمة عنيفة تستهدف السيادة الوطنية للبلدان الناشئة من فجوات واختلالات محلية، مصدرها الفساد والرداءة والزبائنية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.