تتنافس بنوك عمومية على استقطاب أموال الجزائريين، في شبابيك جديدة في تعاملات مصرفية “حلال”، ومنتجات بصيغ مختلفة، استهلاكية، بيع وإيجار، قروض، حسابات ادخار واستثمار.
تستقبل شبابيك جديدة للصيرفة الإسلامية، مثلما رصدته “الشعب أونلاين”، مواطنين يستفسرون عن المنتجات المتاحة وشروط الاستفادة منها، متى وكيف.
هاجس الربا..
في وكالة البنك الوطني الجزائري BNA بشارع ديدوش مراد في العاصمة، تقول سيدة لـ”الشعب أونلاين”: تقربت من الوكالة لمعرفة تفاصيل تمويل إسلامي لتأجير سكن. الراتب الشهري للزوج وسنه يسمحان له -حسب الشروط المنشورة في الموقع الالكتروني للبنك- بالاستفادة من منتوج المرابحة للإيجار.. ما يهمني أكثر التأكد أن العملية ليست ربوية”.
كثيرون مثل هذه السيدة، مهتمون بالتمويل المصرفي الإسلامي، وهو ما يؤكده مسؤول الصيرفة الإسلامية بالبنك الوطني الجزائري، إسماعيل شعلال، لـ”الشعب أونلاين”: منذ إطلاق العملية صيف السنة الماضية نستقبل عشرات المواطنين يوميا. تأتي صيغ تمويل اسلامي لاقتناء سكن وسيارة عن طريق المرابحة الأكثر إهتماما من قبل الجزائريين”.
وأضاف: “نعمل حاليا على توسيع هذه الشبابيك في كافة وكالاتنا البنكية حتى الوصول إلى تغطية كامل ولايات الوطن نهاية السنة الحالية، إضافة إلى إجراء دراسة سوق لتحديد أهم المنتجات التي يكثر عليها الطلب من أجل التكيف مع الحاجة”.
وأكد أنه قبل إطلاق أي صيغة أو منتوج جديد يستند البنك لهيئة شرعية متكونة من كبار العلماء حسب ما ينص عليه دفتر الشروط.
عيوب وأخطاء..
يأسف الخبير في الصناعة المالية الإسلامية، سليمان ناصر، في إتصال مع “الشعب أونلاين”، لعدم إستغلال الجهات الوصية نفور الجزائريين من المعاملات البنكية الربوية.
ويقول: لم تنجح في استقطاب الكتلة النقدية المتداولة خارج البنوك، ولا في تحقيق الأهداف الأخرى. واشار إلى سوء الترويج لتعاملات إسلامية تلقى قبولا عند غالبية الجزائريين مقارنة بالمعاملات الكلاسيكية لعوامل معروفة، منها التمسك بتعاليم الدين الاسلامي.
وفي سرد لما يعتبره أخطاء الصيرفة الإسلامية في الجزائر، يقول ناصر: “لا يوجد تناسق بين الهدف (استقطاب الكتلة النقدية في السوق) والغاية (الصيرفة الإسلامية).. نبّهنا المسؤولين لهذا الأمر عديد المرات”.
وأضاف: “علينا الترويج لهذه المعاملات بتقديم حلول تهم الزبائن. من الخطأ حصر الغاية في الأهداف المسطرة من قبل السلطات العمومية، خصوصا إذا علمنا أن الجزائريين لديهم قابلية التعامل مع الشبابيك الإسلامية”.
بنوك إسلامية.. كاملة الصفة
وعن إستراتيجية الحكومة في توسيع تطبيق النظام المالي الإسلامي، يشير ناصر إلى وجود 20 بنك تقليدي، مقابل مؤسستين إسلاميتين لا تملكان إلا 02 % من السوق المصرفية.
وتابع: ” يجب إعتماد المزيد من البنوك الإسلامية كاملة الصفة، بدل إطلاق شبابيك في وكالات البنوك التقليدية. نتحدث هنا عن مسألة كسب ثقة الزبون في تعاملات بنوك تعمل منذ سنوات بطريقة ربوية”.
ينص القانون 20/ 02 المنظم لنشاط الصيرفة الإسلامية على الآتي: توفر كل بنك على هيئة رقابة شرعية لا تقل عن 03 أشخاص، إضافة إلى هيئة وطنية تدقق في إجراءات العملية قبل منح الاعتماد.
وفي هذا الشق، يثير مصدر “الشعب أونلاين”، إشكالية وجود شيوخ فتوى في أكثر من هيئة بنك، ما يتعارض مع مبدأ المنافسة بين هذه البنوك وسر العمل.
“ماكياج” بنكي..
لجوء الحكومة إلى توسيع العمل بنظام الصيرفة الإسلامية، يمكن أن يحقق نجاحا باهرا، حسب متحدث “الشعب أونلاين”، شرط توفر مجموعة من الشروط، فالتجارب الموجودة في العالم تشير إلى أن الصيرفة الإسلامية من بين الحلول الاقتصادية الناجعة.
في وكالة شارع ديدوش مراد، يثير الشاب (ل.م)، تساؤلات يعقتد أنها محل شبهة لدى عديد الجزائريين الذين يفضلون تفادي التعامل مع البنوك بما فيها الإسلامية.
يقول: “لا أجد الفرق بين الشبابيك التقليدية والإسلامية، كيف نفسر الغرامة المفروضة عند التأخر في تسديد الأقساط الشهرية. وهل يجوز شرعا أن يبيع البنك ما لا يملكه مقابل التقسيط في التسديد!”.
شبهات..
ما طرحه محدثنا من شكوك تحوم حول شرعية التعاملات الاسلامية، يشكل نقطة تقاطع بين عديد الجزائريين.
رصدنا تعليقات مماثلة على صفحة “فايسبوك” في منشور لبنك عمومي يروّج لمنتجات “شباك حلال”، بل ويجزم البعض أن ما تقدمه هذه البنوك في ما تسميه “نوافذ اسلامية” لا يختلف عن التعاملات الكلاسيكية الروبوية إلا في تغيير المصطلحات من فائدة ربوية إلى هامش ربح.
وحول ما يدور في أذهان الجزائريين من شكوك، يقول ناصر: “من بين عيوب الترويج للصيرفة الإسلامية عدم اعتماد البنوك على فقهاء مختصين في المالية يمكنهم تبسيط للمفاهيم والمصطلحات وعدم الخلط بينها”.
ويضيف “في مسألة بيع البنك ما لا يمكله، الإجراء يدخل في إطار مرابحة الآمر بالشراء أو رخصة بالوكالة، على إعتبار أن البنك لا يشتري سلعة ليست مطلوبة، وهي عملية أجازها العلماء”.
غرامات في معاملات اسلامية!
وبخصوص غرامة التأخير في تسديد القسط المستحق شهريا، يتفق على نسبتها مسبقا في العقد المبرم بين الزبون والبنك، غير أن دفتر الشروط -يضيف- يمنع هذه الغرامة إذا ثبت تأخر الزبون في التسديد لأسباب قاهرة، من بينها التوقف عن العمل.
ويتابع محدثنا: “يجيز العلماء غرامات التأخير في حالة غياب سبب قاهر. علما أن هذه الغرامات لا تصب في حساب البنك بل تنفق في مشاريع خيرية وصناديق الفقراء واليتامى، وهي إجراءات معمول بها في كل البنوك الإسلامية”.