أمطار طوفانية غمرت بعض شوارع ضواحي العاصمة وكادت تُغرق بيوت وسيارات، وبالمقابل تعاني الحنفيات جفافا يعيد إلى الأذهان شبح العطش الذي عانته المدن الجزائرية في عقود سابقة.
لم يكن الأمر مبالغة، وإنما مفارقة تزامنت مع «احتفالات» اليوم العالمي للمياه، الذي يعود في كل مرة، يقول فيها رسميون مرّة إن السدود امتلأت عن آخرها، ومرة يقولون إنها تكاد تجّف وبين هذا وذاك، تعاني تلك الهياكل الضخمة مشكلات لا تكاد تنتهي لعلّ أهمها مشكلات الطمي، حتى كادت الأوحال تملؤها.
وإذا كان ذلك هو حال المدن التي تعيش على ما تجود به مياه السدود، فإن مدنا مثل العاصمة تعاني مشكلات غير مفهومة وهي التي استفادت من مشاريع عملاقة لتحلية مياه البحر التي لن تنتهي مها كانت قيمة التبذير، ورغم أن تسييرها أوكل إلى مؤسسات دولية كبرى تجني الملايير جرّاء استفادتها من عقود امتياز كبيرة.
فبعد سنين من «ربيع» الحنفية حيث لا انقطاع لمياه الشرب، عاد الكابوس من جديد وبالتدرّج مع الانقطاعات المتكررة للتزوّد تكاد تكون كل ليلة، بحجة محاربة ظاهرة التبذير مرة ومرات بحجة أعمال الصيانة التي يبدو أنها لا تكاد تنتهي، بدون الحديث عن مشكلات القنوات الكثيرة حيث يختلط ماء الشرب مع مياه الصرف الصحي ولا تتدخّل المصالح المعنية إلا بعد تفاقم الوضع.
وبالرغم من الحديث عن إصلاح الأعطاب، فإن الأمر يبدو مزمنا، ومعه يستعيد المواطن المسكين تلك الأغنية الضاحكة حدّ البكاء التي أداها الفنان صالح أوقروت في بداياته في تسعينيات القرن الماضي يقول فيها: «جاء الماء نوض تعمّر.. جاء الماء»..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.