لم يكن حمزة يتوقع أن ولديه بشرى وعبد الإله سيكونان مختلفين عن أطفال آخرين، حتى أخبره الأطباء بذلك.
بن سعيد بشرى، وأخوها عبد الإله مصابان بمرض “أطفال القمر”. بشرى، 14 سنة، وعبد الإله 9 سنوات، يدرسان جيدا.
تحصلت بشرى على معدل 15 من 20 وعبد الإله تحصل على 9 من 10، لكن رغم ذلك حياتهما تختلف تماما عن باقي الأطفال.
براءة تحلم باللعب تحت الشمس
بنبرة حزينة يقول والدهما حمزة: “بشرى وعبد الإله لا يستطيعان الخروج للعب مثل باقي الأطفال، وليس لي حل إلا أن احبسهما في البيت، خوفا عليهم من أشعة الشمس التي تؤذيهما، إنهم محرومان من الإستمتاع بحياتهما، المؤكد أنهم يشعران بالعزلة وسط زملائهم في المدرسة، لا يخرجان للاستراحة، ويظل كل واحد منهما محجوزا في قسمه، حتى المساء وأعود بهما إلى البيت، ولولا الضمير الإنساني للمدير والأساتذة وأيضا زملائهم لما تم السماح لهما من مزاولة الدراسة، لأن نوافذ القسم لابد أن تكون مغطاة بستائر تمنع مرور أشعة الشمس.
يتابع حديثه “لا حدائق ولا متنزهات” ولا ألعاب كمبيوتر، أو مشاهدة التلفزيون، فكل هذه الأشياء ممنوعة عنهم، وأي أب يريد إسعاد أبنائه، لكن ” الله غالب” فحياتهم مهددة بالخطر لو تعرضوا للضوء.
فقدنا الإستمتاع بالحياة
ليس بسبب مرض أبنائي، وإنما بسبب حرمانهما من زيارة الأهل والأقارب في المناسبات، فلا نذهب إلا في الليل، ولانعود إلا قبل طلوع الشمس، ولا نملك بالبيت نوافذ خوفا من تسلل أشعة الشمس، وأحاول تعويض الطاقة التي تمنحها أشعة الشمس بالمؤكولات التي تتوفر على فيتامين ” د”
وعن الدواء الذي يتناولانه يقول حمزة ” رغم أن الإنسان قد تضيق به الدنيا أحيانا، إلا أنه لا ينبغي أن ينسى أن الله تعالى لا ينساه، وجعل في الناس من أهل البر والإحسان، فقد تعرفت على عادل الذي عرفني بإحدى الجمعيات التي تساعد أطفال القمر واسمها ” جمعية استكشاف “دي زاد اكسبلورور” ومقرها في الجزائر العاصمة، ترسل إلي الدواء وأنا بدوري أرسله أيضا إلى شخص آخر لديه ولد من أطفال القمر.
تصنيف المرض
يناشد حمزة وعائلته وزارة الصحة بأن تصنف مرض ” بشرى وعبد الإله ” ضمن الأمراض المزمنة، ليستفيدا من بطاقة الشفاء، خاصة وأنهما يتناولان الدواء رغم سعره الباهظ، كل ساعتين ومدى الحياة”.
يقول والد الطفلين “اتصلت بمديرية الصحة وأخبروني بأن مرض أطفال القمر غير مصنف حاليا، ولا أدري ما العمل، بل حتى في ولاية بشار لاتوجد إلا عيادة واحدة متخصصة في طب الأمراض الجلدية”.
يتابع حديثه أحيانا أشعر وكأني محاصر من كل الجهات، وجسدي يتقطع حسرة عليهم، لكني مؤمن بالله تعالى ومؤمن بأن الدولة لن تبخل على هذه الشريحة من الأطفال فهم أبنائها ولن تتركهم للمجهول”
الشاب المتطوع الخدوم
زيرمي محمد عادل سائق سيارة أجرة، تطوع في جمع أغطية القارورات البلاتسيكية، يروي بدايته في هذا العمل الخيري.
عندما نقل رجل وإبنته المريضة من ولاية بشارة إلى ولاية سعيدة، كان يلاحظ أن هناك شيئ غريب في هذه البنت، خاصة عندما طلب منه والده أن يسدل ستائر لتغطية نوافذ السيارة، وأن يوصله إلى المستشفى قبل أن تطلع الشمس.
عندها قال له والد البنت بأنها من أطفال القمر، وأن أشعة الشمس تؤذي جسدها الهزيل.
تأثر عادل لحالتها ومنذ ذلك اليوم، يقول: “بدأت أنا وزوجتي نبحث عن هذا المرض الذي جعل تلك الطفلة تعيش حياة مختلفة، وقرأنا عنه الكثير.
عثرنا على جمعية استكشاف دي زاد اكسبلورور، وهي جمعية تقوم بجمع أغطية قارورات البلاستيك وبيعها لأحد المصانع لتوفر الدواء لأطفال القمر.
“تحدث إلى رئيسة الجمعية بهذا الخصوص، وشرحت لي كيف تساعد هؤلاء الأطفال، وكيف ترسل لهم الدواء، وبدأنا في جمع الأغطية”.
“ثم طرحت الفكرة على أقاربي وأصدقائي فوافق الجميع، ومنذ ذلك اليوم وأنا أتردد عنهم لأجمع ما تم جمعه من أغطية، وتمكنت من جمع كمية كبيرة”.
و”انا بصدد إرسالها، غير أن المشكل يبقى في وسيلة النقل التي تنقل هذه الكمية إلى الجزائر العاصمة”.
“لذا أدعو كل أصحاب الشاحنات أو السيارات المتوجهة إلى العاصمة أن يساهموا معنا في نقلها إلى مقر الجمعية”.
وختم قوله: “أدعو الجميع ونحن على مقربة من شهر رمضان الكريم، أين يكثر إستهلاك المشروبات الغازية، أن يتطوعوا معنا في جمع هذه الأغطية كعمل خيري في ميزان حسناتهم”.
جمعية استكشاف دي زاد اكسبلورور تسعى إلى إستيراد الأقنعة الخاصة بأطفال القمر، من الخارج، بعد فتح الأجواء.
وتقول بأن هناك حوالي 200 طفل والرقم في إرتفاع، وتطالب من وزارة الصحة أن تعترف بهذا المرض وتصنفه ضمن الأمراض المزمنة.