من التّحديات الكبرى التي تواجهها الحكومة الليبية الجديدة هي إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، الذين قدّرت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز أعدادهم في مطلع ديسمبر الماضي بـ 20 ألفا، إضافة إلى وجود 10 قواعد عسكرية، تشغلها بشكل جزئي أو كلي قوات من دول مختلفة استغلت الفوضى الأمنية التي غرقت فيها ليبيا والفراغ المؤسّساتي الذي لازمها لعقد كامل من الزمن، لتحطّ الرحال بها وتنخرط في القتال الذي عصف بأمنها، وبات مصدر تهديد لاستقرار محيطها الإقليمي.
اليوم تتعالى الأصوات من داخل ليبيا ومن خارجها لإلزام المرتزقة والقوات الأجنبية بمغادرة الأراضي الليبية، على اعتبار أنّ استمرار وجودهم بأسلحتهم المتطورة، وبنشاطهم الذي لا يختلف في شيء عن نشاط المجموعات الإرهابية، يمثّل خطرا كبيرا على مستقبل العملية السياسية التي قطعت أشواطا هامة نحو إخراج البلاد من النفق المظلم وبلوغ برّ الأمان.
في الواقع التحدي الذي تواجهه حكومة الدبيبة بخصوص تخليص ليبيا من زبانية الحرب وسفاكي الدماء صعب للغاية، لأنّ الأمر مرتبط بإرادة خارجية لها من القدرات ما يمكّنها من إرغام الدول التي استقطبتهم وجنّدتهم على إخراجهم وإعادتهم من حيث أتوا، فليبيا وحدها – بوضعها الحالي – لا يمكنها أن تقوم بهذه المهمة، ونتذكّر جميعا أنّ اللجنة العسكرية الليبية المشتركة بدعم من الأمم المتحدة اتفقت في 23 أكتوبر الماضي على إلزام المرتزقة والقوات الأجنبية بمغادرة الأراضي الليبية في غضون 3 أشهر، أي في 23 جانفي الماضي، لكن الموعد مضى دون أن يغادروا، ما يعني أنّ الأمر يستدعي تعاونا دوليا جدّيا، وقد تكون الفرصة سانحة هذه المرّة مع ما نلمسه من توافق وإجماع عالمي على تسوية المعضلة الليبية وتفكيك الألغام التي تعترضها، يبقى فقط أن نتساءل، هل تستجيب الدول التي «غزت» ليبيا بقواتها ودموييها لدعوات إخراجهم، وإن سحبتهم إلى أين ستأخذهم، ألا تكون وجهتهم منطقة الساحل الإفريقي التي تحوّلت إلى حاضنة للإرهاب؟
في الواقع الأسئلة كثيرة والأيام كفيلة بالإجابة عنها، يبقى أن نشير إلى أهمّية أن تلتفّ الدول العربية وفي مقدّمتها الجزائر حول ليبيا في هذه المرحلة المصيرية، وتمدّها بيد العون حتى تستعيد أمنها واستقرارها.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.