في جمعة الحراك رقم 110 تعود مطالب رفعها الحراك الشعبي منذ عامين، في طلب التغيير ومكافحة الفساد بكل أشكاله والمفسدين.
الواحدة وبضع دقائق، يُسلم الناس خلف إمام مسجد ابن باديس في قلب الجزائر العاصمة. يُلملم المصلون حصائرهم وسجاداتهم.
تنطلق “الله أكبر” التقليدية لدى من ينوُون المشاركة في جمعات الحراك الشعبي، المبارك شعبيا وسياسيا، إيذانا بفتح باب “الإحتشاد” غير بعيد عن المسجد، في شارع عبان رمضان.
تتشكل مجموعة تستعد لاستقبال مجموعات أخرى قادمة من باب الوادي، واللقاء في مفترق شارعي عبان رمضان وحسين عسلة.
ثم السير في اتجاه البريد المركزي من جهته الشمالية، والانعطاف على ساحة خميستي، التي سبق وتجمع فيها بعض المعتادين على الحراك..
نفس الحركات تتكرر لدى من يُصلّون في مسجد الرحمة وينزلون نحو البريد المركزي مرورا بشارع ديدوش مراد.
الحراك، الذي يتحرك وسط أسماء تاريخية تحمل اسماء الشوارع التي يمر بها، يتكثف شيئا فشيئا حتى يصير كتلة بشرية.
تدور حول البريد المركزي وشارع باستور، مرورا بالجامعة المركزية، وانتهاء بساحة البريد، في سلمية مُبهرة للعالم.
تتعالى أصوات المطالبين بالتغيير بشعارات، تتردد في هذه المساحة الحراكية، دوماَ، منها ما له علاقة بمكافحة الفساد، ومنها ما يطالب بالديمقراطية..
إشادة برموز الثورة
ومنها ما يشيد بأسماء، عانقت المجد الثوري، زمن أعظم ثورة حررت الجزائريين من ربقة فرنسا وغلاتها، ومجرميها، وكل ما يحمله ماضيها الاستعماري في بلد المليون ونصف المليون شهيد.
فئات اجتماعية مختلفة تزور هذا المكان، في جمعات ما بعد عودة الحراك في ذكراه السنوية الثانية.
هنا يتجاور المثقف مع البطال، والشاب مع الشيخ، والصبية مع الجدة، في صور فسيفسائية، تزيدها سلمية المسيرات المتكررة، بهاء في عدسات التصوير، التي تنتظر هذا اليوم بشغف، وكأن بعضها عاطل عن العمل، بقية أيام الأسبوع..
الجميل في هذه المشاهد، التي يقدمها الحراك، في لوحات تمتزج فيها ألوان العلم الوطني الحاضر دائما، كراية، او عضابة رأس، أو لباس رياضي، وما شابه، هو التضامن الذي تراه على قارعة شوارع العاصمة..
تضامن
هذا يقدم قاروة ماء الى ذاك، وذاك يشتري غذاء لمشارك لا يعرفه، وثالث ينزوي الى حديقة خميستي مع رفيقة دربه، وهما يشاهدان شريط الألوان الزاهية المارة قربهما..
يأخذان صور سيلفي مجددا، لنشرها في “فايسبوك” أو إظهارها للأولاد والأصدقاء، متى طوت الجمعة 110 وقتها من السير وتذكير المشاركين فيها والمتابعين لها في صفحات تواصل إجتماعي وتلفزينات تبُثُ مشاهد عن الحراك.. بمطالب الحراك المبارك، والوعود المرتبطة به..
ومن طرائف هذه الجمعة، تكفل شيخ طاعن في السن، وعلى طريقة البرّاح، وهو ينقر قارورة ماء فارغة تُحدث صوتا لافتا، بالتنبيه ذهابا وإيابا، لوجود لصوص هواتف نقالة، يستهدفون من يغفلُ عن هاتفه وهو يُصوّر لقطات او فيديوهات عن الحراك..
وقد نجحت فكرة هذا الشيخ، الذي يكون قد جلب اهتمام الطيبين مثله، وجلب ايضا حنق من كانوا ينوون خطف هاتف نقال، يعاد بيعه في سوق “الدلالة”..
الى الجمعة القادمة!