يتواصل الانسداد السياسي في لبنان بسبب استمرار الخلافات حول الوضع القائم، مخلّفة تداعيات سلبية مازالت تتراكم واضعة بلد الأرز في عنق الزجاجة، في وقت يدرك فيه اللبنانيون أنهم قادرين على تجاوز هذا الظرف الصعب، وبإمكانهم ترسيخ الخطى الصحيحة في هذا المنعرج المحفوف بالمخاطر، علما أنّ بيد الطبقة السياسية الكثير من الحلول المفضية إلى تصحيح الاختلالات ورسم معالم الطريق عبر الحوار والتوافق عن طريق وضع مصلحة البلد فوق كل اعتبار.
يبقى هاجس استمرار تعثّر تشكيل حكومة لبنانية جديدة، أحد أكبر التحديات الراهنة في مسار استكمال بناء مستقبل الدولة اللبنانية، لأنّ مفتاح بداية تصحيح الوضع ينطلق من الإرادة وقرار تغيير الوضع، على خلفية أنه منذ شهر أوت الماضي فشلت الجهود في الحسم في من يحمل الحقائب الوزارية، إذا المشكل ليس على درجة كبيرة من الصعوبة، كما أن خطط الحل متاحة وتحتاج فقط إلى حكمة وتقارب في وجهات النظر لحلحلة الأزمة بين اللبنانيين في وقت القدرة الشرائية في وضع خطير والاقتصاد يعاني والعملة تتهاوى..فمن يتحرّك قبل تسجيل المزيد من التدهور؟
لا تختلف تعقيدات الوضع السياسي عن نظيره الاقتصادي لأن جميع المؤشرات تدعو لوقف الانهيار عبر الإسراع بتشكيل حكومة إصلاحات مستعجلة، لأن أنظار العالم مركزة على هذا البلد الجميل، ومازالت بعض الدول المتقدمة تشترط إصلاحات حقيقية بقيادة حكومة فاعلة، من أجل تقديم أي دعم مالي وعلى رأسهم فرنسا، بمعنى أن اللبنانيين يتطلعون إلى حكومة تنقذ بلدهم من انهيار اقتصادي وتخفف من وطأة معاناتهم مع الأزمة الاقتصادية الخانقة.
إعادة ترميم الثقة يتوقف على ميلاد الحكومة اللبنانية الجديدة ورؤيتها النور، وهذه الحكومة مهمتها لن تكون سهلة لأنها ستجد تركة لا تحسد عليها، حيث ينتظرها امتحان عسير، كونها مطالبة بوضع لبنان في الاتجاه الصحيح وأكيد أنه لا مفر من خيارات العودة إلى التفاوض وتجاوز التباين والخلاف، بعد أشهر عديدة من الشد والجذب وكلها تعتبر وقتا ضائعا عمق من معاناة اللبنانيين المسالمين الذين انتفضوا خوفا على وطنهم..فهل سيتمكّنوا من تجاوز أزمتهم بحنكة سياسية وذكاء احتواء الأزمات؟
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.