اللجوء إلى مقاربة المؤسسة الناشئة قاطرة التنمية ليس اعتباطيا، أو موضة بقدر ما هو حتمية، سبقت إليها كثير من البلدان الصناعية نفسها، جاعلة من النواة القلب النابض للاقتصاد، تضخ فيه أوكسجين المنافسة بما يحفظ الديمومة وسط هزات عنيفة تفاجئ الأسواق. الخيار هنا غير مطروح أصلا، فقد حسم الرئيس تبون المسألة منذ الأول، ضمن رؤية شاملة للنموذج الاقتصادي الجديد، عموده الفقري، نسيج كامل لمؤسسات ناشئة تنمو في حاضنات العلم والمعرفة والذكاء، لتشكل البنية القاعدية للنمط الاقتصادي الجديد، روحه الذكاء الاصطناعي، بشرايينه المتدفّقة ابتكارا وقيمة مضافة، من جامعات ومعاهد، منبع المناعة.
لم يعد هناك من مبرر اليوم للتأخر في إنجاز الوثبة المطلوبة، بعد أن أصبح المناخ مواتيا، من حيث القرار السياسي الذي حسم الخيار، عنوانه، من الجزء إلى الكل، الموارد المطلوبة بتأسيس صندوق للتمويل يكسر بيروقراطية المنظومة البنكية والجامعة التي تخلّصت من عقدة محيط معاد لعشريات فاحتلّت صدارة المشهد مع معركة كورونا منذ سنة.
لكن لا يُعتقد أن الطريق مفروش بورود، لأن هناك مطبّات وعوائق بقايا بيروقراطية تقاوم التغيير، ينبغي رفعها وتجاوزها بإصرار وعزيمة صلبة لكسب الرهان، وتجاوز مفترق الطرق نحو الهدف، النجاح في الأخير، بما يعود فائدة على صاحب المشروع والبلاد ككل، فمؤشر النجاح أن يكون من البداية نمط إدارة قائم على المبادرة والانتشار في الميدان وتغليب الاستثمار على المنافع، آفة النمو.
معنى هذا أن تنطلق المؤسسة الناشئة وكل مشروع على أسس معايير الجودة وتقليص النفقات وانفتاح على المحيط بتشغيل يد عاملة وفقا لانتقاء قوامه المنافسة، الأولوية تكون لمن يقدم الأفضل فتسقط كل تلك الاعتبارات الفاسدة من علاقة أسرية وقبلية وولاء كلف البلاد ما لا تطيق. واضح أن التغيير القائم على مسار سياسي لن يكتمل بدون تغيير قائم على مسار اقتصادي شفاف، ليتقاطع الاثنان حول هدف واحد انتشال الوطن من دوامة شحّ موارد بديلة للمحروقات، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.