لم يعد الإرهاب محصورا في منطقة الساحل الإفريقي، بل ها هو يتمدّد ويوسّع مساحته شرقا وغربا وجنوبا فارضا طوقا من العنف والرّعب على القارة السمراء بجميع أركانها وزواياها، معلنا عن تصعيد غير مسبوق في دول كانت إلى وقت قريب آمنة نسبيا.
قبل أيام، أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي تبنّيه للهجوم المسلح على مدينة بالما، شمالي موزمبيق، وسيطرته على المدينة ككل بعد أن ارتكب مجازر مروّعة في حقّ السكان وأرغم الناجين على الفرار، ما يؤكّد أن بؤر التوتر الساخنة في إفريقيا تتكاثر، والظاهرة الإرهابية تستفحل دون أن تحقّق الحرب المعلنة ضدّ الدمويين مبتغاها ما يطرح علامة استفهام كبرى عن جدواها.
لقد كشف أحدث مؤشّر لشدة الإرهاب في العالم، عن تصاعد رهيب للعنف في إفريقيا، وظهور بؤر جديدة ساخنة بمناطق عديدة غير منطقة الساحل التي أصبحت للأسف الشديد تستقطب العديد من التنظيمات الإرهابية، كما كشف عن تزايد العمليات الدموية، حيث شهد الربع الأخير من العام الماضي – على الرغم من جائحة كورونا – ارتفاعًا كبيرا في الحوادث الإرهابية عبر القارة مقارنة بالفترة السابقة، ما يدفع للقلق حول نجاعة استراتيجيات محاربة الإرهاب على مختلف الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية، ويدفع للتساؤل عن أهمية التدخلات العسكرية الغربية، وما إذا كان لازما البحث عن طرق ووسائل أكثر فعالية لاستئصال هذا السرطان الخبيث الذي يفتك بأمن واستقرار السمراء وشعوبها.
تمدّد الإرهاب وتزايد نشاطه بإفريقيا، يدفع للاعتقاد بأنّ الرهان على المواجهة العسكرية وحدها لم تزد الوضع إلاّ سوءا، ومنحى «الأمننة» في مواجهة هذه الظاهرة أدى إلى تحقيق نتائج عكسية، ما يؤكّد حتمية البحث عن إستراتيجية مواجهة جديدة تركّز على التنمية والحكم الراشد والمشاركة السياسية ومحاربة التهميش، وقد يكون من الجدوى إنفاق الأموال المخصّصة للقوات الأجنبية التي تحارب الإرهاب بإفريقيا في مجالات المساعدات الإنسانية والتنمية الاقتصادية والتعليم، لأن الفقر والبطالة والإقصاء تجعل من التنظيمات الدموية نقطة جذب للشباب لما توفّره من إغراءات مالية، وهو ما يفسّر قدرة الإرهابيين على التجنيد والتمدّد والتصعيد.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.