ستكون نهاية الأسبوع الأول من شهر جوان ثقافية بامتياز، وهي التي توافق اليوم الوطني للفنان، الذي تسبقه هذا العام احتفالات اليوم الوطني للكتب والمكتبات تواليا.
ليس غريبا أن نستعيد ذكرى اغتيال الفنان علي معاشي باحتفالية كبرى، تسبقها أخرى للتذكير بجريمة استعمارية نفّذتها عصابات «المنظمة السرية الفرنسية»، وليس غريبا أن تتوالى أيام الاحتفالات الرسمية المرتبطة بالتاريخ والوطن وجرائم الاحتلال وهي التي لا تكاد تنتهي، ولو سرنا بهذا المنطق فإن أيام السنة كلها لن تكفي للتذكير بما وقع.
بعيدا عن الجانب الرسمي، المشهد الثقافي لا تنقصه الأعياد والأيام الاحتفالية، بقدر ما يطرح ذلك من انعكاسات إيجابية على الفعل الإبداعي، حيث يطغى الجانب الشكلي على المضمون وتتحوّل كثير من المناسبات إلى «كرنفالات» تصرف فيها الأموال ويستفيد منها طفيليون.
وليس بعيدا عن أذهاننا الاحتفاليات الكبرى بالجزائر وقسنطينة عاصمتين للثقافة العربية وتلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية والمهرجان الأفريقي وسنة الجزائر بفرنسا التي استنزفت الملايير من الخزينة العمومية ولم تقدّم للفعل الثقافي الحقيقي إلا أشياء قليلة مقابل تضخيم للفواتير ونهب ممنهج للمال العام.
إنه منطق «البقرة الحلوب» الذي فرض نفسه، حيث تضاعف عدد دور النشر مرات كثيرة وظهر كثير من المنتجين اختفوا فجأة ولم يبق الآن في الساحة الثقافية إلا «أحجار الوادي» بتعبير الراحل الطاهر وطار على لسان بطل رواية «اللاز».
والآن، ومع الحديث الرسمي عن مقاربة ثقافية سياسية من منظور النجاعة الاقتصادية، فكل ما نتمناه أن تتحوّل الخطابات إلى برامج حقيقية ملموسة، لأن الرداءة بلغت حدا لا يحتمل، فبعد زمن البحبوحة الذي امتلأت فيه الساحة بأشباه مثقفين، أصبحنا نعيش فراغا مرعبا لا يمكن أن يملأه إلا الفعل المبني على الكفاءة، خدمة للمثقف في هذا البلد الذي بقي طويلا مثل «الأيتام في مأدبة اللئام».
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.