في بدايات تسعينيات القرن الماضي، عندما تحوّلت حرب إسقاط نظام نجيب الله الشيوعي في أفغانسان إلى تقاتل دامٍ بين إخوة الأمس الذين تحوّلوا إلى أباطرة حرب بالوكالة لصالح قوى أجنبية، أنجزت إحدى القنوات التلفزية الفرنسية تحقيقا حول هؤلاء بعنوان لافت هو «ثعالب كابول».
إنه الوصف الذي ينطبق على «أباطرة» يعيشون بيننا، لم يحترفوا الحرب بالمفهوم الكلاسيكي، وإنما تفنّنوا في نهب المال العام باسم «تطوير كرة القدم الجزائرية» والاحتراف الرياضي، وكثير منهم تحوّل إلى لاعب بالملايير وهو الذي لم يزد الرياضة في بلادنا إلا تخلّفا ولولا جزائريي المهجر الذين أنقذوا الموقف لما تمكنّا من التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم حتى.
كثير منهم يجتمع الآن من أجل انتخاب رئيس جديد للاتحادية، وعوض مناقشة مشكلات كرة القدم، وهم جزء منها، أصبحوا يتبادلون التهم بالفساد ووصل الأمر حد التهديد باللجوء إلى المحكمة بتهم تتعلّق بالقذف. والحقيقة أن معظمهم قال جزءا من الحقيقة وهو الجزء الذي يتعلّق بغيره، ولا نفهم الصورة كاملة إلا إذا جمعنا مختلف التصريحات.
تفنّنوا في سرقة وتبذير الملايير من الدينارات، بنفخ مرتبات لاعبين لا يتوفرون على الحد الأدني من الكفاءة للّعب في المستوى المحترف، ليس حبّا في أولئك اللاعبين الذين وصلت أجورهم الشهرية درجة الخيال، وإنما من أجل أخذ نسبة معتبرة من تلك المرتبات، حيث يتعاملون بـ»الشكارة» في الغالب بدون وثائق محاسبية توثّق الأمر. وبعضهم يجلب لاعبين منتهي «الصلاحية» لا يلعبون دقيقة واحدة، مقابل اقتسام «الغنيمة» معهم.
إذا كان «الميركاتو» مخصصا لشراء اللاعبين وهي تجارة رابحة جدا، فإن نهاية الموسم الرياضي تتحوّل إلى تجارة أخرى وتتعلق ببيع المباريات، حيث يدخل مسؤولون ولاعبون وحكّام على الخط ليبلغ الفساد المالي الرياضي مداه.
إنهم يواصلون النهب بطرق مختلفة وأصبحت معروفة عند الكثير، في انتظار فتح ملفات الفساد الرياضي الذي سيكون حتما أولى خطوات إصلاح القطاع خدمة للأجيال الجديدة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.