من الأكيد أن الشعارات والفيديوهات التي تستهدف المؤسسات الجمهورية الجزائرية وفي مقدمتها الجيش والأمن، بهدف تقويض وضرب مصداقيتها، تقف وراءها مخابر محترفة ومتخصّصة في صناعة الفوضى والاحتجاج بإشراف وكالات استخبارات.
إن الفيديو الذي تم نشره مؤخرا، الذي يزعم فيه أصحابه، تعرّض مراهق لمعاملة غير أخلاقية من طرف أفراد الشرطة، لدى توقيفه، على خلفية مشاركته في مظاهرة غير مرخّص لها، يؤكد أن هناك خطة مبيّتة ومحكمة لصناعة الغضب وإشعال موجات الاحتجاج، من خلال استفزاز مشاعر الجزائريين باللعب على وتر حسّاس جدا يتعلّق بالشرف. والجميع يدرك كيف يتصرّف الجزائري عندما يتعلق الأمر بذلك وبالأخص عندما يكون محور ذلك طفل قاصر.
إن الشعارات التي تتهم المخابرات الجزائرية بالإرهاب وتتهم مؤسسة الشرطة بالاغتصاب وترفع شعار ثنائية مدنية – عسكرية زورا وبهتانا، تحيلنا إلى شعارات تكاد تكون متطابقة مع تلك التي كان يرفعها المتظاهرون في سوريا قبل عشر سنوات، خلال انتفاضة ما سمي بـ»الربيع العربي» والتي أدت إلى استحداث شرخ وانعدام الثقة بين الشعب السوري ومؤسساته الأمنية.
لم يعد يخفى على أحد، أن هناك أطراف داخل الحراك تنفّذ نفس خارطة طريق الخراب والفوضى في سوريا وليبيا، تبدأ بالدفع بالأمور نحو المواجهة بين الحراك، أو ما تبقّى منه، مع رجال الأمن لإشغال فتيل الفتنة ولكن ذلك لا يمكن أن يتحقّق أن لم يكن مسبوقا – حسب ما هو مخطّط له – بضرب مصداقية المؤسسات الأمنية وتشويهها في البداية وبمجرّد تسويق هذه الصورة المشوّهة سيعمدون إلى فبركة المزيد من الفيديوهات التي قد لا تكتفي بتهم الاغتصاب داخل مراكز شرطة مغلقة ولكن فبركة فيديوهات يكون محورها ضرب وتعنيف عناصر من الشرطة للمتظاهرين في الفضاء العام، مع التركيز على الأكثر تأثيرا في الرزي العام مثل النساء…إلخ، لتحقيق أكبر قدر من التعاطف للتلاعب بسهولة بمشاعر الناس بعدما تم تحضيرهم لابتلاع وتصديق كل شيء.
كل هذه المناورات الخبيثة، ستبوء بالفشل لأنّ التجذّر الشعبي للجيش الوطني الشعبي وكل الأسلاك الأمنية، أكبر من أن تنال منه مثل هذه المناورات. ولكن ذلك لا يعني الاستهانة بها، لأنّ الأجندة أكبر من تلك الوجوه الموظّفة في تنفيذها.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.