جزائري هاجر إلى فرنسا في العشرين من العمر أميا وعامل بناء، ثم أصبح عالما ومديرا للبحث العلمي في بلاد رينوار وماكرون..
ولد في قرية اليانة بالزاب الشرقي بولاية بسكرة سنة 1938، عاش طفولته في معاناة جماعية كأغلب أطفال قريته.
حفظ ما تيسر من القران الكريم بمسجد “سيدي بوسبع حجات”. مارس أعمالا بسيطة كمعاون لوالده البناء وبائع ملابس مستعملة وموزع حليب بالجزائر العاصمة حيث جرب معاناة السعي لكسب قوت يومه نهارا والبحث عن مكان يأويه ليلا.
سنة 1957 هاجر نحو بفرنسا بحثا عن لقمة عيش استعصت عليه في وطنه المحتل، وهو أمي لا يعرف الفرنسية كتابة ونطقا.
اشتغل في ورشات البناء، لكن حبه وشغفه بطرح السؤال والبحث عن المعرفة قلب حياته رأسا على ..
ن شاب قروي أمي يشتغل بناء إلى عالم فيزياء المواد الصلبة ومدير البحث العلمي بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي.
كيف حدث ذلك .
كتب عالم الفيزياء ألبير فارت، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء في تقديمه لمذكرات العالم الصادق سنوسي، “إن مسيرة الصادق سنوسي من طفولته الصحراوية إلى تقلده رتبة باحث مرورا بتجاربه كمهاجر وتلميذ مداوم على دروس محو الأمية تستحق أن تروى فما هو المحرك وراء هذه المسيرة الاستثنائية”.
يضيف -صاحب نوبل في الفيزياء- “إننا لنندهش عندما نقرا انه وطوال مساره كان دافعه البسيط هو إرادته الراسخة والثابتة في البحث واستكشاف عوالم أخرى.
استكشاف فرنسا وعالم المهاجرين في ضواحي باريس اكتشاف القراءة والكتب والصحف وتعلم مهنة ومواصلة التعلم للحصول على الشهادة الابتدائية واجتياز البكالوريا.
ثم الذهاب ابعد للحصول على الدكتوراه ومهمة باحث في الفيزياء في مخبر من أعلى المستويات حيث انتهى به الأمر مديرا للبحث العلمي بالمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا”.
عاش سنوسي بين الهاجرين، وعمل في ورشات البناء وعمل “جباسا” بعد تخرجه من مركز التكوين المهني إضافة إلى انخراطه في متابعة دروس محو الأمية التي فتحت له أبواب التعلم ونيل الشهادة الابتدائية.
عامل يومي نهارا وطالب علم في فترة المساء إلى غاية حصوله على شهادة البكالوريا والتحاقه بالجامعة .
في الجامعة استهوته الفيزياء، انكب على التحصيل العلمي بإرادة قوية تجاوزت عائق اللغة التي بدا يتحكم في فنونها.
حصل على شهادة مهندس ليواصل بعدها تعليمه، حيث لم تمر سوى تسعة سنوات على ولوجه عالم الدراسة، أميا لا يعرف الكتابة والقراءة حتى حصل على دكتوراه الدولة في فيزياء المواد الصلبة.
يشير البروفسور سنوسي إلى “إن البحث العلمي وتحضير الدكتوراه تطلب منه مجهودا أخر وهوت علم اللغة الانكليزية ليتمكن من إتمام بحثه العلمي”.
دخل بعدها عالم البحث في مخابر المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي ويشارك في عدد كبير من الملتقيات الدولية بالعالم.
تعتمد كبرى الشركات على إبداعاته منها شركة “سيمنس” وغيرها من المؤسسات العالمية الكبرى.
كانت له مساهمات ففي التعاون مع جامعات جزائرية وأنهى مشواره كعامل مهاجر شغوف بالمعرفة إلى تبوأ منصب رئيس البحث العلمي بالمركز المذكور.
وهو الان في تقاعد لكنه يواصل إشباع شغفه بالمطالعة ومحاولة التحكم في اللغة العربية التي تعلمها في كُتاب القرية فقط.