أحيانا لا أفهم كيف يتجاوز بعضنا آراء العلماء والمختصين في مسائل طبية وصحية، ويُقدمون رغباتهم وآراءهم وأدلجاتهم على ما سواهم من قراءات، ومواقف بناء على ذلك.
المثال الذي يوضح الصورة نابع من محيطنا المباشر، وهو مثال يثير جدلا لا يتوقف، منذ أول يوم في رمضان، عن الحجر الصحي، ليس في كل مكان ينبغي أن يُحترم فيه، بل عن الحجر الصحي في المساجد، فقط.
من يطرحون المسألة بهذا الشكل يطرحونها على عجل، وبشكل تعميمي، لا يراعي الخصوصيات والفروق، ويثيرون رياحا في غير مواسمها.
التركيز على ضرورة التباعد الاجتماعي في المساجد، فقط، تتناسل منه قراءات، و»مواقف»، بل وفتاوى تزيد المتلقي والمهتم بما يحصل، تيهانا، هو في غنًى عنه، طالما أن احترام إجراءات الحجر المنزلي والصحي، لا تفرّق بين مسجد ومقهى، وملعب كرة قدم، ومدرسة وحضانة أطفال، ولا حتى داخل السيارة التي يركبها أكثر من واحد..
المقارنات التي يعقدها المدافعون عن المساجد، والمركّزون عليها، دون غيرها، مقارنات تُبعد الطرفين على رؤية ما ينبغي أن نكون عليه.
ما يحدث في المقاهي المفتوحة بعد الإفطار، مخيف: لا تباعد اجتماعي، لا احترام لأبسط قواعد السلامة الصحية في زمن كورونا.
ومع ذلك لا أحد أفتى في الأمر، مع أن المقهى مكان عام تلتقي فيه كل الآراء التي تدافع عن غلق بيوت الوضوء في المساجد، ولا ترى ضرورة لذلك في المقاهي، تدافع عن رفع الحجر الصحي، ولا ترى مانعا من التعدي على مواقيته المحددة في الإجراءات الحكومية، بمبرر «السهرة الرمضانية»، التي تطرق أبواب الفجر، كل يوم..
في الغالب، المواضيع التي تثار في نقاش عام، لا يستمع فيه الناس فعلا إلى آراء المختصين، ولو كانوا بقامة البروفيسور رياض مهياوي، تنتهي إلى جدال: رأيي صواب، ورأي غيري فتنة!
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.