المتجوّل في مختلف الشوارع والفضاءات يلاحظ تراخيا واضحا في التزام المواطن بالإجراءات الوقائية خاصة ارتداء القناع الواقي والتباعد الاجتماعي، ما جعل المختصين من أطباء وخبراء يدّقون ناقوس الخطر، وما تزال الموجة الثالثة «تنتظر» وتترقب اللّحظة المناسبة «لإستعراض» عضلاتها بعدد إصابات جديدة قد يتجاوز ذروة الموجة الثانية.
قد يتحجّج البعض بوجود اللّقاح وانطلاق عملية تلقيح المواطنين، منذ نهاية شهر جانفي، لكنهم يتناسون في الوقت نفسه أن الكمية الموجودة غير كافية في انتظار بداية تصنيعه في الجزائر، لذلك كان من الأولى التزام واحترام توصيات الأطباء الذين ما زالوا منذ مارس 2020 يؤكدون ضرورة تحويل إجراءات الوقاية إلى سلوكيات يومية جماعية في إطار ثقافة صحية لرفع المناعة المجتمعية.
لكن وككل مرةّ يغلب «الطبع التطبّع» فمع انخفاض عدد الإصابات إلى أقل من 200 إصابة وتزامنا مع حلول الشهر الفضيل ألغى كثير من المواطنين الفيروس من يومياتهم وكأني بهم علموا ما لم تكتشفه المخابر العالمية بأن الفيروس بالرغم من مجهريته يصوم معنا عن العدوى، أو أنه ربما «صُفّد» مع الشياطين في الشهر الكريم.
حقيقة أن الوضع الوقائي في الجزائر مستقر، لكنه ليس ثابتا، فكما ارتفعت انخفضت وكما انخفضت ارتفعت، منحناها مرتبط أساسا بمدى التزام المواطن بالإجراءات الوقائية، لذلك كان من المهم التفكير في منع موجة ثالثة قد تكون أكثر سوء من الأولى والثانية بسبب وجود متغير جديد هو السلالات المتحوّرة التي تعرف ارتفاعا بالعشرات كل أسبوع، وإن قمنا بعملية حسابية بسيطة نجمع فيها عدد الإصابات الجديدة للفيروس الأوّل سنجدها تفوق 1000 إصابة أسبوعيا.
ربما سيظن البعض أنها مبالغة، لكنها الحقيقة التي يتجاهلها الكثير دون إغفال حقيقة انتهاء مدّة المناعة المكتسبة لدى الأشخاص الذين أصيبوا قبلا بالفيروس، وهو ما يفسّر إصابة كثير منهم للمرّة الثانية والثالثة بكوفيد-19، كل ذلك لأننا كمجتمع عجزنا عن صناعة وعي جمعي قادر على منع المجتمع من مغامرة غير محسوبة العواقب مع فيروس لم يكشف بعد عن كل أسراره الوبائية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.