مع اقتراب أذان صلاة المغرب والإفطار يختار بعض سائقي المرور السرعة القصوى فتجدهم يضغطون على دواسة السرعة، ليدخلوا في تحدٍ غير معلن مع الزمن، الرابح فيه من وصل منزله قبل الوقت المحدّد للإفطار، لتبدأ مغامرة غير محسوبة العواقب يكون حادث مرور مميت أو خطير أقوى الاحتمالات التي ستضع نقطة نهايتها.
تتحوّل الطرق مع اقتراب موعد آذان الإفطار إلى حلبة سباق تتسارع فيها سيارات هي مركبات سياحية أو تجارية لكنها ليست سيارات «الفورمول وان»، ولا الجالسون وراء مقودها سائقي سيارات سباق، لكن الأكيد أن السرعة الجنونية التي تسير بها تجعل الناظر إليها يخالها في سباق حياة أو موت، بالرغم من أن الحقيقة هي مائدة إفطار فقط.
في كثير من المرات عند السؤال عن سبب تحويل طرقاتنا إلى حلبة سباق هدفها الأول الوصول قبل موعد آذان صلاة المغرب والافطار، يجيب معظم السائقين إجابة واحدة يكون حجتهم فيها قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ»، لتظهر جليا محاولة «خبيثة» لإلباس الحق بالباطل، فهم يعملون بتعجيل الإفطار ويتناسون قوله تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ».
أليس حفظ النفس أولى من التعجيل بالإفطار فحبيبات تمر يفطر عليها السائق بعد توقفه على حافة الطريق كافية «ليعجل بالإفطار»، لأن «الإفطار» لم يكن يوما مرادفا للجلوس على طاولة أو عدد معين من الأطباق، ولعلّ ما زاد الأمر سوءا هو تعمّد البعض من السائقين الدخول في مشاحنات مع آخرين ما يحوّل الطريق إلى ساحة حرب حقيقية السرعة والمحاولات الخطيرة أهم سلاح فيها.
لن تضاهي مشاركة السائق لحظة الإفطار مع عائلته لحظة سماع هذه العائلة خبر إصابته أو وفاته في حادث مرور قبيل الإفطار بدقائق، لا يمكن بما كان وضع اللحظتين في نفس المستوى لأن الثانية كاسرة للظهر، لن يكفي آذان الإفطار في جميع مساجد العالم لإعادة بسمة وسعادة أسرة فقدت عزيزا وقت الإفطار، سيكون دائما هذا الموعد بالنسبة لأفرادها وقت حزين لا يمكن للسنين محوه من ذاكرتهم.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.