بعد امتحان الجائحة، يحاول الاقتصاد العالمي منذ بداية كسر القيود والانفتاح على استعادة العافية، البحث عن حلول قريبة ومتوسّ طة، لتجاوز آثار ما بعد الفيروس، المتوقّع أن تكون كلفتها كبيرة على آلة الإنتاج العالمية، وفي الوقت الحالي تتّجه الأنظار نحو أكثر الحلول فعالية وسرعة لاستعادة المتانة والاستقرار، وكذا المنحى التصاعدي للنمو، فنجد صوت الخبراء وكبريات المؤسّسات المالية والاقتصادية، على غرار صندوق النقد الدولي، يرافعون عن خيارات متاحة وقابلة للتجسيد كضماد لعلاج الصدمة الاقتصادية الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية، خيارات تتمثّل في فرض ضريبة على الثروات الكبرى، من أجل تعزيز السيولة وامتصاص التّفاوت الكبير.
قد يكون من المبكّر أن تنفع حلول الرفع من سقف الضّريبة بالنسبة لبعض الدول، لأنّ هاجس التّهرّب الضريبي سيكون التحدي الجوهري في مواجهة هذه البلدان، ولا يخفى أنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم يقف مكتوف اليدين، لأنه أبدى نيّته في الرفع من رسوم الضرائب على الشّركات إلى حدود 28 بالمائة، بهدف تجسيد خطّة إنعاش بغلاف مالي ضخم لا يقل عن ألفي مليار دولار، ويعتبر ذلك مؤشّرا على طي المحفّز الجبائي الذي يعد آلية جاذبة ومغرية لمضاعفة الإنتاج والاستثمار، وفي نفس الوقت حتى الطرح الذي يقف وراءه «الأفامي» حول رفع الضريبة بشكل مؤقّت على المداخيل المرتفعة، قد لا يلقى التجاوب المطلوب والمفترض، في ظل سياق اقتصادي صعب وفي خضم استمرار تداعيات الجائحة.
في كل مرة كانت وتيرة الاقتصاد الصيني تدفع بالنمو العالمي نحو الأمام، وينظر إليها كقاطرة عالمية تقود بصلابة وثقة نحو الأمان المنشود، ولعل أبرز مثال أنّ بداية الصّمود ثم التعافي السريع من آثار الفيروس برز أولا بالصين التي قفزت إلى مرحلة أخرى بعيدة عن الخطر، بعد أن نما اقتصادها خلال الأشهر الأولى من العام الجاري بنسبة تفوق 18 بالمائة، علما أنّه رقم لم تحقّقه منذ ثلاثة عقود كاملة مدفوعة، بآمال ورغبة التخلص السريع ممّا تكبّدته من جمود خلال عام 2020.
وبالكثير من التفاؤل، ينظر إلى أنّ العودة ستكون موفّقة للاقتصاديات التي تملك الإرادة والتخطيط الجيد والشجاعة في اتخاذ قرارات جريئة بعيدا عن المجازفة، وبالتالي قلب الصّفحة الصّعبة التي مرّت بها البشرية والخروج التدريجي والذكي من الأزمة، بعد إعادة نبض النّشاط في شرايين الاقتصاد، لكن الاقتصاديات الأقل قوة في البلدان الناشئة والنامية، مازال أمامها شوط مسافته طويلة، ليسترجع الأنفاس والموارد المالية التي التهمها الفيروس، وآثار ما تسبّب فيه انهيار الظرف الصحي الحساس.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.