فنان متميز وقامة شامخة في مجال الأغنية الملتزمة وله تاريخ حافل بالإنجازات، وفي تمثيل الثقافة والفن الجزائري في المحافل العربية والدولية.
هو الفنان علي منصوري من مواليد سيدي عقبة سنة 1946 ترعرع في محيط عائلي ليس بعيدا عن الفن فقد كانت جدته مولعة بالشعر الجاهلي والشعر الشعبي وكان يستمع لصوت الجدة وهي تردد قصائد جاهلية أو شعبية ويقول الفنان أن جدته كانت بمثابة المدرسة الأساسية التي تربى فيها وعشق منها الكلمة الجميلة والشعر وبعد ذلك الغناء الذي كرّس له كل سنوات العمر.
في سن الخامسة عشر غادر قريته إلى العاصمة وهناك التقى بمجموعة كبيرة من المثقفين أو كما يسميهم الفنان مجموعة الـ 50 ووسط هذا المحيط الثقافي بدأت تبرز مواهبه الغنائية وفي العزف على العود بتشجيع من أفراد المجموعة التي كانت تضم صفوة المثقفين أمثال الأستاذ بشير خلدون وبلحاج الطيب والإعلامي مختار حيدر والشاعر الشعبي محمد حسن الكيلان هذا الأخير رافق الفنان في مشواره الفني وكتب له عدة أغاني ناجحة.
من داخل هذه المجموعة التي كانت تلتقي أسبوعيا خرج الفنان علي منصوري ليلتحق بالإذاعة الوطنية ويتم ترسيمه في المجموعة الصوتية سنة 1972 وكان أول عمل غنائي ملتزم حول حادثة حرق المسجد الأقصى في السنة نفسها، ليواصل عطاءه الفني العادي إلى غاية سنة1977 وهي السنة التي شكلت الانطلاقة الفعلية للأغنية الملتزمة التي سيعرف بها الفنان الذي كرس لها جهده إلى غاية اليوم رفقة الشاعر الحبيب حشلاف.
ولعل أهم أغنية كان لها الصدى الكبير في الوطن العربي كله كانت أغنية بيروت من كلمات الشاعر محمد حسن الكيلا،ن واعتبرت أنجح أغنية ملتزمة في ذلك الوقت حتى أن الكاتب والناشر اللبناني سهيل إدريس ومن شدة تأثره بالأغنية التي كان يؤديها الفنان في حفل خاص على هامش المؤتمر الرابع للأدباء العرب الذي انعقد في الجزائر سنة 1984 ساعتها قاطع سهيل إدريس الفنان واتصل بنجله في بيروت هاتفيا ليخبره والدموع في عينيه بأنه يستمع الآن إلى أغنية بيروت للفنان الجزائري علي منصوري، وعندما أدى الفنان هذه الأغنية في مهرجان دمشق للاعنيه العربية نهض الأستاذ السوري اسعد فضة مدير المسارح السورية مقيما هذه الأغنية بقوله: “لو وضعوا أغنية بيروت في كفة والمهرجان في كفة لرجحت كفة أغنية بيروت”.
وبعد هذا المشوار الفني الحافل بالانجازات، عاد الفنان إلى مسقط رأسه بسيدي عقبه بعد إحالته على المعاش كأستاذ موسيقى وكرم عدة مرات في بسكرة، لكن عودته إلى مرابع الصبا لم تدفعه للاعتزال الفني فواصل الرسم بالعود والكلمة الملتزمة، لأن الالتزام عنده كان بالفطرة وقدّم آخر عمل بإذاعة بسكرة بوصلة فنية رائعة عنوانها لك “وحدك يا لله” وهو نص فني استلهمه من قراءات لآيات قرآنية من سورة الأحزاب والتي رأى فيها ما لم يره غيره.
التزام الفنان لم يقتصر على الأداء الفني بل تعداه إلى مواقف من القضايا المصيرية، فهو كما يقول ضد اللغة الفرنسية المستعبدة للجزائر ومع اللغة نفسها الخادمة للجزائر وانه بعد 50 سنه من الاستقلال فإن كل من لا يجيد اللغة العربية لا يسمح له بالمساهمة في مناقشة القضايا الوطنية الكبرى، وأن من يتبجح بجهله للعربية يجب إعادة النظر في صحة هويته.. كما قدم نفسه في برنامج تلفزيوني أجنبي أنه فنان جزائري من جيل أنقذته الثورة وغير حاله الاستقلال وخاطب بعض الإخوة المشارقة بقوله:” تعالوا إلى الجزائر لتروا أن الجزائريين أفصح العرب لسانا”.
الفنان علي منصوري،المقيم ببسكرة لم يعد بظهر في أي مناسبة لسبب وضعه الصحي ، لم يعد يسال عنه احد ،أشباه الفنانين يتصدرون الحفلات الرمضانية في مدينته التي تعودت نسيان أبناءها.