ترتبط العبادة الموسمية ارتباطا وثيقا بالشهر الفضيل، فما أن يحل هلاله حتى يتوشّح الكثير منا لباس الايمان والتقوى ليتحوّل البعض في دقائق معدودة من النقيض إلى النقيض، فيكون السواك والقميص و اللّهم إنّي صائم» أهم مظاهر «القلب العامر بالإيمان» المستجد على صاحبه مع حلول رمضان؟!.
لن يكون غريبا أن تجد هؤلاء «الوافدين الجدد» على الالتزام الديني يجلسون مع من كانوا رفقاءهم بالأمس لنصحهم واعطائهم دروسا دينية عن الهداية والتوبة، بل أكثر من ذلك يصنعون هالة حولهم تسمح لهم «بالإفتاء»!! في مختلف تفاصيل الحياة، لأنهم يرون أنفسهم «مُلمين» بمختلف قضايا الدين لدرجة أنهم «يحلون الحلال ويحرّمون الحرام».
الأغرب من هذا كله أن يُصدق الواحد منهم الحالة «النفسية المُركبة» التي يعيشونها ليضرب بالدين «أخماسا في أسداس»،.. ليدرك المتمعّن فيما يفعلونه أنه مجرد «استحلال للحرام وتحريم للحلال»، فلا يعقل أن يكون «الدين» مجرد مظهر يجيز لصاحبه «الإفتاء»، فالأكيد أن فاقد الشيء لا يعطيه.
مظهر «التديّن» تكاد تكون أحد أعمدة الدراما الرمضانية التي تعيشها الكثير من الأحياء، عدد حلقاتها بين 29 و30 حلقة، لتكون بذلك «أرضا خصبة» للتهكمات و»القيل والقال»، خاصة وأن البعض من هؤلاء وُسِمُوا بهذه الصفة لسنوات طويلة، فتراهم كل سنة يلبسون «جلباب الإيمان» مع ثبوت هلال غرة رمضان وينزعونه مع ثبوت هلال غرة شوال.
المضحك في الأمر، أن تحولهم إلى أحد المظاهر الرمضانية، جعل جيرانهم وأصدقائهم ينتظرون الشهر الفضيل فقط للاستمتاع بمظهر تصنُع «الوقار والايمان» في شهر جعله الله تعالى للتوبة والغفران، فلا يمكن تجاوز وجودهم لأنهم يصّرون دائما على تأكيد حضورهم الرمضاني «المميز».
هي عبادة موسمية أماطت اللثام عن خلل كبير بين التدين وتصنعه، وهوة واسعة بين أمر النفس بالمعروف وأمرها بالمنكر، بل أكثر من ذلك كشفت مثل هذه المظاهر عن عجز الكثير عن الفصل بين إسلام «الوراثة» وإسلام «الفطرة» التي خلقنا الله عليها.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.