كأنّ الّلعنة تطارد الساحل الإفريقي الذي تحوّل مع مرور الزمن إلى رقعة جغرافية مكدّسة بالأزمات والتوترات، فبين جور الطبيعة التي رمته في صحراء قاحلة قاسية وظلم الإنسان الذي حوّله إلى مستوطنة للإرهاب والعنف، أصبحت هذه المنطقة عنوانا كبيرا للاضطرابات وعدم الاستقرار، فأينما تولي بصرك تقابلك أزمة متفجّرة، إن لم تكن سياسية فهي بالتأكيد أمنية، وكلّما لاحت بوادر انفراج في هذه الدولة أو تلك، إلا وانتقلت عدوى التوتر إلى دولة أخرى لتشكل المآسي حزاما ناسفا يطوّق شعوب الساحل الإفريقي المغلوب على أمره من كلّ الجهات.
في الوقت الذي بدأت فيه خيوط الأزمة الليبية تتفكّك معلنة عن قرب الخروج من النفق المظلم، وبعد أن ظهرت ملامح استقرار في مالي، اهتزّ الوضع فجأة ودون سابق إنذار في تشاد التي قتل رئيسها على حين غرّة حتى قبل أن تكتمل فرحته بفوزه بولاية رئاسية سادسة، ما فتح أبوال جهنّم على البلاد وعلى المنطقة بأسرها.
وإذا كانت مختلف التقارير ترشّح إمكانية انزلاق الوضع الداخلي باندلاع موجات جديدة من الاضطرابات والحروب القبلية في البلاد التي تحوي أكثر من 200 مجموعة عرقية تتصارع على السلطة، فإن الخبراء يجمعون على أن رحيل ديبي سيلقي بظلاله على الأمن إقليميا، وشبح الإرهاب مرشّح للتفاقم بهذه المنطقة الملتهبة، فالرئيس الراحل كان الحليف القوي للقادة الأفارقة والغربيين المنخرطين ضمن جهود مكافحة الإرهاب، ورحيله سيترك بالتأكيد ثغرة للدمويين ليعبثوا بأمن تشاد والإقليم ككل، خاصة وأن للمتمردين في تشاد اتصالات مباشرة مع جماعات إرهابية وتنظيمات متطرفة عديدة، وهو ما يثير بقدر كبير قلق وحذر دول الجوار، كالسودان وليبيا.
من هذا المنطلق يعتقد المراقبون السياسيون بحتمية تكثيف الاتصالات السياسية من أجل العمل على سرعة الانتقال السلمي للسلطة بتشاد، عبر إجراء انتخابات في أسرع وقت تحت إشراف إقليمي ودولي، لتفادي الانزلاق الى الحرب، وأيضا وقف تحركات المعارضة المسلحة، من خلال التنسيق مع دول الجوار على نحو يعيد الاستقرار والأمن للبلاد، ويمنع أي تأثيرات سلبية على دول الجوار والمنطقة ككل.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.