شيّد الشيخ محمد بن بحوص مسجد الموحدين بمنطقة الرقاصة، حوالي 50 كلم شمال غرب ولاية البيض، بالكامل تحت الأرض، في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث تقام فيه الصلوات ويدرس فيه القرآن منذ ذلك التاريخ.
خادع الشيخ محمد بن بحوص، العالم والمجاهد، الفرنسيين بفكرة تشييد مسجد تحت الأرض لاعتزازه وغيرته ودفاعه عن هوية الشعب الجزائري.
يقول الدكتور في علم الاجتماع محمد بوشيخي إن “قصة بناء المسجد تعود إلى سنة 1930 حين قرر الشيخ محمد بن بحوص، بناء مسجد ومدرسة لتعليم القران و اللغة العربية بمنطقة الرقاصة، بعد أن منعت فرنسا تدريسها بالزوايا و الكتاتيب، وضيقت على السكان بغرض طمس الهوية الوطنية العربية الإسلامية”.
وزادت عزيمة الشيخ بعد أن حوّلت فرنسا أغلب المساجد بالجزائر إلى كنائس، وفي أحسن الأحوال غلقها، فقرر بناء مسجد بعيد عن أعين و بطش فرنسا. خوفا من بطش فرنسا، قرّر الشيخ أن يشيد مسجده تحت الأرض، فاختار له منطقة الموحدين البعيدة عن المراقبة والقريبة من مجمعات السكان .
وحسب المصدر ذاته، بنا الشيخ محمد بن بحوص المسجد، تحت عمق 6 امتار بطريقة ذكية، حيث حفر نفقا تحت الأرض وبدأ في توسعته على مساحة تقارب 200 متر مربع، مستخدما في ذلك بعض الأدوات البسيطة التي كانت متوفرة وقتها كالقادوم و الفأس، وهي الوسائل التي ساعدته على نحت الصخور. وتشير المصادر و الروايات بالمنطقة أنه استعان ببعض طلبته ممن يثق فيهم في أعمال الحفر والتوسعة.
تضاربت الآراء حول المدة التي استغرقها الشيخ في الحفر، وتقول مصادر إنها قاربت العشر سنوات لحفر المسجد بالكامل. مسجد سقفه باطن الأرض ومتكأَ على أعمدة صخرية.
وحفر بئرا بداخله للوضوء، كما قسمه إلى غرف جعل بعضها للطهي وأخرى للنوم وأخرى للتدريس. ظل المسجد يدرس و يعلم وينشر اللغة العربية وتعاليم الإسلام لفترة من الزمن و قد تخرج منه في الثلاث سنوات الأولى – حسب روايات حفدة الشيخ- أكثر من 375 حافظ لكتاب الل،ه التحقوا لاحقا بصفوف ثورة التحرير المجيدة.
تفطنت السلطات الفرنسية للمسجد، بعد أكثر من 20 سنة من النشاط بتسرب معلومات عنه، بعد أن بدأت الحركة تدب بالمنطقة المهجورة التي أحياها القرآن الكريم، فقامت باعتقال الشيخ ووضعه تحت الإقامة الجبرية بتهمة “جريمة إنشاء مسجد”، إلى أن وافته المنية عشية اندلاع الثورة التحريرية الجزائرية.
أعيد فتح المسجد بعد الاستقلال ليتحول إلى مزار إسلامي وتاريخي وشاهد على محطة من محطات مقاومة سكان المنطقة وأولاد سيدي الشيخ، ويفضله الكثير من المواطنين لأداء الصلوات نظرا لخصوصيته ولاستلهام عظمة الأجداد و صمودهم وتحديهم للاستعمار الغاشم .