في وقت يطالب فيه الاتحاد الإفريقي الجيش التشادي الذي تولى الحكم بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي بإعادة السلطة إلى المدنيين عملا بالدستور، تؤيّد فرنسا تشكيل حكومة انتقالية مدنية وعسكرية مختلطة.
لكن منطق باريس الازدواجي في التعامل مع هكذا قضايا مع مستعمراتها السابقة يفضح بشكل واضح نواياها الخبيثة في منطقة الساحل الأفريقي، حيث أدانت قبل أشهر تولي مجلس انتقالي عسكري الحكم في مالي عقب الإطاحة بالرئيس إبراهيم أبو بكر كايتا، ودعت آنذاك إلى ضرورة العمل بالدستور وإرجاع السلطة للمدنيين وألحت في نفس الوقت على العمل بالدستور، دعاها آنذاك إلى تحريك الإتحاد الأوروبي للضغط على القادة العسكريين للتنحي باعتبار ما حدث انقلاب عسكري.
مع أنّ الوضع في تشاد يختلف تماما عما حدث في مالي إثر مقتل الرئيس إدريس ديبي إيتنو، حيث ينص الدستور، أنه في حالة شغور منصب الرئيس وهو القائد الأعلى للجيش يتم العمل بالدستور وتنظيم انتخابات خلال 45 يوما لتفادي الفراغ المؤسساتي وحماية الدولة من الوقوع في الفوضى، لاسيما وأن تشاد تعتبر أرضا خصبة للجماعات الإرهابية الناشطة في الساحل الأفريقي.
غير أنّ فرنسا سارعت إلى التضامن مع المجلس العسكري، الذي نصب عقب وفاة الرئيس التشادي برئاسة نجله محمد ديبي، ولم تشدّد على إعادة السلطة للمدنيين كما تضمّنها بيان مجلس السلم والأمن للإتحاد الإفريقي، الذي حثّ العسكريين على احترام النظام الدستوري، والتحرك بشكل عاجل لتسليم السلطة إلى المدنيين، محذرا من أن الوضع يشكّل تهديدًا محتملًا للسلام والاستقرار في هذا البلد وكذلك لجيرانه وللقارة بأسرها.
ويفتح ضغط فرنسا لاستمرار المجلس العسكري بقيادة نجل ديبي، المجال للاعتقاد بأنّ ما حدث قد يكون انقلابا، إذ كيف يلغى العمل بالدستور، ويلجأ لحكم العسكر وهو قرار يقول الإتحاد الأفريقي أنه يقوض جهوده الرامية الى استقرار تشاد، بعد دعوته إلى حوار وطني شامل وتشكيل على وجه السرعة بعثة رفيعة المستوى لتقصي الحقائق لمعرفة خبايا مقتل ديبي.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.