مخططات إرهابية وهجمات سيبرانية
استطاعت الأجهزة الأمنية المتخصصة، إحباط جميع «المخططات التخريبية» التي استهدفت الجزائر، منذ العام الماضي. وتصدت لحد الآن لكل التحالفات الشيطانية التي لعبت جميع الأوراق من أجل تحقيق «انهيار أمني» يفسح ثغرة الولوج إلى دهاليز المرحلة الانتقالية المدمرة.
مع بداية انتشار فيروس كورونا في الجزائر، شهر مارس من العام الماضي، رفضت أطراف تنتمي لشبكات متطرفة معروفة بارتباطاتها مع الخارج، دعوات الخبراء والعقلاء إلى تعليق مسيرات الحراك الشعبي، قبل أن ينتصر في النهاية صوت العقل والمنطق.
بعد أسابيع قليلة، وبالضبط مطلع جويلية لنفس العام، تم تسريب فيديو قصير على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر جثة شخص متوفي (قيل إنه أصيب بفيروس كورونا)، ملقاة على الأرض في منظر بشع، بمستشفى سيدي عيسى بالمسيلة، سرعان ما كشفت التحريات أن أشخاصا مدججين بالعصي اقتحموا المكان ودنسوا حرمة الميت.
الخبير حسان قاسيمي: «الماك» أرادت تأسيس جماعة مسلحة
كل هذه الأفعال جاءت تنفيذا لخطة مدروسة، حاول من يقف وراءها، توظيف الأزمة الوبائية لبث الفوضى، من خلال إغراق المستشفيات بمرضى كوفيد-19 والدفع لانهيار النظام الصحي وتفجير الغضب العارم وإحداث أكبر قدر من الارتباك داخل مؤسسات الدولة.
وبحسب المعلومات التي توفرت يومها، فقد شنّت الحركات الإجرامية والإرهابية المتحالفة، حملات تحريض ضخمة على مواقع التواصل الاجتماعي، لدفع الجزائريين، وخاصة الشباب منهم، إلى رفض تدابير الحجر الصحي والضغط من أجل منع توقيف الرحلات الجوية للسماح بانتقال العدوى.
وكانت الحكومة، قد هاجمت حينها «عديمي الأخلاق والضمير، الذين وصل بهم الأمر إلى التنكيل بجثث الموتى وتحريض الشباب من أجل تفجير الوضع الوبائي».
ورقة الإرهاب
وفي أكتوبر 2020، أخذت المخططات الإجرامية بعداً آخر، عالي الخطورة. برز فيه بشكل جلي الدعم والإسناد الاستخباراتي الأجنبي. وكان المراد إعادة إحياء النشاط الإرهابي في جبال الولايات الشمالية، من الشرق إلى الغرب، مع اتخاذ دولة مجاورة قاعدة.
هذا السيناريو، كشف عنه أحد الإرهابيين الذين أفرج عنهم في إطار صفقة مشبوهة، من سجن باماكو (عاصمة مالي)، مقابل مبلغ مالي تراوحت قيمته ما بين 6 و30 مليون يورو، بحسب ما نقلته صحف فرنسية، ألقي عليه القبض في الحدود الإقليمية لولاية تلمسان.
أسابيع قليلة، كانت كافية ليصل جزء من أموال صفقة تحرير الرعية الفرنسية صوفي بترونين، إلى أعالي جبال جيجل، أين عثرت قوات الجيش الوطني الشعبي على مبلغ 80 ألف يورو في أحد المخابئ، بناء على استغلال الإرهابي أحسن رزقان المدعو أبو الدحداح، الذي ألقي عليه خلال عملية عسكرية واسعة امتدت لعدة أيام بغابات دائرة العنصر.
هذا الإرهابي، الذي التحق بالجماعات الإرهابية سنة 1994، كشف عن المخطط الكبير لإعادة بعث النشاط الإرهابي في الجزائر. وبين شهري ديسمبر وجانفي أجهضت وبشكل استباقي، تحركات الإرهابيين في سكيكدة، جيجل، تيبازة وتيزي وزو، وفي هذه الأخيرة عثر في مخابئ على أسلحة خطيرة، من بينها صواريخ ستريلا المضادة المروحيات.
التخطيط للأعمال الدموية، لم يعد حكرا على بقايا الإرهاب المشردة في الجبال. فالأحد، أعلنت وزارة الدفاع الوطني، عن إحباط «مخطط إجرامي خبيث يعتمد على تنفيذ هذه التفجيرات، ومن ثم استغلال صور تلك العمليات في حملاتها المغرضة والهدامة كذريعة لاستجداء التدخل الخارجي في شؤون بلادنا الداخلية».
وأكدت أن «هذا المخطط بمشاركة عناصر في الحركة يجري البحث عن بعضهم، تلقوا تدريبات ودعما في الخارج من دول أجنبية».
ومطلع مارس الماضي، أحبطت قوات الأمن، محاولة إرهابية كانت تهدف إلى تفجير قنبلة بالجزائر العاصمة، عثر عليها بالكاليتوس.
تحالف الأعداء
غالبا ما استغرب مراقبون التحالفات غير الطبيعية بين حركات متطرفة معروفة بعدائها لبعضها البعض، من أجل الدفع إلى الانزلاق في الجزائر. فما يسمى بتنظيم «الماك» الانفصالي المعروف باشتغاله تحت أوامر الصهيونية العالمية وأيديولوجيته العلمانية الإقصائية، يعزف على نغمة العنف نفسها مع حفنة دمويي التسعينيات، وكلاهما ينفث سمومه من الخارج عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقبل بيان المجلس الأعلى للأمن، في 6 أفريل الماضي، الذي حذر «من أعمال تحريضية وانحرافات خطيرة من قبل أوساط انفصالية، وحركات غير شرعية ذات مرجعية قريبة من الإرهاب، تستغل المسيرات الأسبوعية»، كان الإرهابي المدعو أبو الدحداح، قد كشف عن اتصالات حثيثة بين الجماعات الإرهابية ورموز التحريض والعنف عبر الفضاءات السيبرانية من أجل تفجير الحراك، وإخراجه عن سلميته قائلا: «السلمية لا تساعدنا».
وتتقاسم كل هذه التنظيمات التي توظف كبيادق بيد مخابر المخزن والصهيونية قناعة «العنف ولا شيء غيره» لإسقاط الدولة ومؤسساتها مهما كلف الأمر، وتلعب كل الأوراق الممكنة، كاستغلال الحراك الشعبي، والأطفال القصر، والتحضير لأعمال مسلحة وتفجيرات.
فرضت هذه التهديدات ما يسمى بحروب الجيل الرابع على الجزائر؛ حرب تدور رحاها على ساحة الشبكة العنكبوتية، وعبر الخلايا النائمة في الميدان، مع توظيف الدعم المالي والاستخباراتي واللوجيستي الأجنبي، تضاف إليها التهديدات التقليدية على الحدود الإقليمية من جميع الجهات.
الجزائر مستهدفة
أمام كل هذه المخططات التي لا تتوقف بفعل الدعم المالي والأجنبي، يقول الخبير الدولي في الأزمات، حسان قاسيمي «إن الجزائر في عين الإعصار».
وأوضح قاسيمي، للقناة الإذاعية الثالثة، أمس، إن «هذه الأنشطة التخريبية العديدة، تؤكد أن الجزائر في عين الإعصار، في إطار مخطط شامل لتجزئة وتفتيت الدول، يمكن ملاحظته بسهولة، يستهدف الدول الكبيرة والغنية بالموارد الطبيعية».
وأفاد المتحدث، بأن ما كشفته وزارة الدفاع الوطني، عن أنشطة الحركة الإرهابية الانفصالية «ماك»، يؤكد أن اقتناءها لأسلحة ومعدات حربية يهدف «إلى تشكيل جماعات مسلحة، ولمَ لا اتخاذ الجبال قاعدة لنشاطها في مناطق معينة من البلاد».
وحذر الخبير قاسمي، من «أخطار حقيقية بهذه المناطق، في حالة إذا لم تتم السيطرة سريعا على التهديدات المتعددة والمعقدة التي تحيط ببلادنا، من جهاتها الأربع». ولحد الآن، استطاعت الأجهزة الأمنية بشكل استباقي إحباط كل هذه المؤامرات ومازالت الحرب عليها مستمرة.