تشخيص الوضع الاقتصادي والاجتماعي بقدر ما يحمل مؤشرات تنذر بصعوبات مرهقة وعويصة تستدعي مضاعفة الجهد، فإنّه يبرز وجود مكوّنات تؤهل إطلاق مسار الإنعاش الاقتصادي بمعايير مطابقة للنموذج الجديد الذي يصحّح معادلة النمو بوضع القطاعات الإنتاجية خارج المحروقات في صلب المعادلة، أولها الصناعة والسياحة والخدمات وبالطبع الفلاحة.
لا ينبغي أن تستمر حالة الصدمة جراء أزمة تراجع إيرادات النفط وتداعيات وباء كوفيد-19، وإنّما الظرف الراهن يتطلب صياغة مسار الانتقال إلى وتيرة أكثر في المبادرة الاستثمارية، يكون فيها القطاع الوطني الخاص مع استقطاب للرأسمال الأجنبي الحامل لقانعة الاستثمار المنتج للثروة، العجلة التي تجرّ معها دواليب المنظومة الاقتصادية.
في هذا الإطار، يمكن للتغييرات التي طرأت على المؤسسات البنكية، من حيث الكفاءات والمنهجية بالفصل بين الإدارة والمتابعة، أن تعطي نفسا لوتيرة تمويل الاستثمار المنتج للقيمة المضافة ومرافقة المشاريع ذات الجدوى برؤية اقتصادية أكثر من مجرد معالجة بنكية بيروقراطية تتغنى في الغالب بإحصائيات لا صدى لها في الواقع. هذا الأخير يحتاج إلى تكامل بين المتدخلين، قاسمهم المشترك قناعة برفع التحديات وشغلهم الشاغل إعادة تنشيط الجهاز الإنتاجي.
العمل، هو الوقود الذي يضمن حماية مناصب الشغل وتحسين القدرة الشرائية، التي تعاني في شهر يفترض فيه ممّن يتعاملون مع الأسواق القناعة والتراحم، ومن ثمّة يبقى الأداة الوحيدة لمقاومة التغيرات وتأمين ديمومة العيش الكريم مع التطلع لتوسيع نطاق التشغيل، عبر مواصلة كسر شوكة البيروقراطية، حيث لا تزال تخندقات تقاوم التغيير وتعيق الرقمنة، كاشفة الفساد، أمر لا يمكن أن يستمر لأن الوضع لا يحتمل وكل تأخير تتبعه فاتورة.
توابل الرفع من وتيرة عجلة الإنعاش في قطاعات تتوفر فيها أوراق النجاح موجودة وإن كانت مبعثرة تتطلب إعادة ترتيب للأولويات القطاعية وجعل البعد الاقتصادي لكل فعل مهما كان إداريا أو تقنيا، ذلك أنّ لكل تحرك مقابل وقيمة تصبّ في نهاية السلسلة في حساب المجموعة الوطنية، عليها مسؤولية كبرى في تجسيد قواعد الوقاية والحدّ من التبذير والترشيد ليصل المسار إلى أهدافه، لكن بالتأكيد يكون ذلك بالعمل الجاد والمتواصل فقط.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.