تعزّزت الساحة الإعلامية في الفترة الآخيرة بعديد المواقع الإخبارية، التي أضحت تؤدي دورا مهما في نقل المعلومة في حينها، ما سمح لصحافتنا ولوج «العالم الرقمي» بشكل تدريجي يخدم منهجية الوصاية في تعميمه مستقبلا.
تحتفي الجزائر باليوم العالمي لحرية الصحافة، وسط متغيرات جديدة في عالم الإعلام، بعد تحوّل جل المؤسسات الإعلامية إلى العالم الرقمي، ما سمح بظهور «منافسة مهنية شريفة»، بين الصحافة الورقية والسمعية البصرية والآن الإلكترونية.
وتعالج، المواقع الإلكترونية في الجزائر الأخبار اليومية بقوالب عديدة منها: «القصص الإخبارية، الإنسانية وملفات حول أحداث الساعة بشكل مختصر مدعّم بآراء أصحاب الشأن في الموضوع المعالج».
الصحافة الإلكترونية قطعت أشواطا مهمة
ومن بين الصحف الإلكترونية التي أثرت الساحة الإعلامية بالجزائر، نجد «الشعب أونلاين»، التي تعدّ من الصحف التي تحاول الخوض في كل المواضيع التي تهم الرأي العام الجزائري.
ويرى المسؤول في «الشعب أونلاين»، محمد مغلاوي، أن الصحافة الإلكترونية في الجزائر قطعت أشواطا مهمة في الاحترافية ومواكبة التطوّرات الحاصلة في مجال التكنولوجيات الجديدة.
وأضاف في هذا السياق: «فإلى وقت ليس ببعيد كانت المواقع الإلكترونية تنشط في محيط تسوده الفوضى بمحتوى إعلامي فيه الكثير من التضليل والتهويل والأخبار الكاذبة». وتابع مغلاوي: «لكن مع بداية الاهتمام الذي توليه السلطات العليا لهذا القطاع مؤخرا وبعد الإفصاح عن المرسوم التنفيذي الذي ينظم الصحافة الإلكترونية أصبحت المواقع الإلكترونية تعمل في شروط وظروف أفضل».
عمل كبير ينتظر الجميع
مغلاوي وفي حديثه مع صحفي «الشعب»، أكد أن هناك عملا كبيرا ينتظر الوصاية والصحفيين وملاك المواقع من أجل تحسين المحتوى، رغم المكاسب التي تحققت.
وأشار إلى أن هذا العمل سيكون جسرا من أجل أن تكون الصحافة الرقمية في مستوى ما يجري من تحولات وتطورات وتتحوّل إلى مواقع مؤثرة صانعة للخبر لمواكبة التحديات التي تعرفها البلاد.
وشدّد المتحدث على أن رفع المستوى مرتبط أساسا بتحسين الظروف التي يعمل فيها الصحافيون وتثمين الكفاءات وإعطاء أهمية قصوى للتكوين.
وأضاف: «يجب هيكلة وتنظيم القطاع بشكل يسمح للمهنيين بأداء أفضل حتى لا تتكرّر تجربة فتح المجال للقنوات الخاصة، إلى جانب تجسيد التوصيات التي انبثقت عن الورشات التي نظمت سابقا على أرض الواقع».
يجب تكريس العدل في توزيع الإشهار
من جهته، يؤكد مدير موقع «سبق برس»، محمد رابح، ضرورة تكريس مبدأ العدل في توزيع الإشهار على المواقع، والإبتعاد عن ثقافة المساواة التي ساهمت في إهدار أموال الإعلانات العمومية قبل سنوات ولم ينتج عنها بناء مؤسسات إعلامية بالعدد والمستوى المقبول.
ويرى رابح في اتصال هاتفي مع «الشعب»، أن هذا الأمر يتحقّق بتحديد معايير للاستفادة من الإشهار العمومي، وأضاف: «ننتظر كذلك فتح نقاش جاد حول سلطة ضبط الصحافة الإلكترونية وكذلك التسريع بإصدار قانون للإشهار».
مسؤولية مشتركة لتحسين خدمات الصحافة الإلكترونية
واعتبر مدير موقع «سبق برس»، أن هنالك مسؤولية مشتركة على الطرفين، لتحسين خدمات المواقع، الحكومة التي من مصلحتها مرافقة هذه التجارب الواعدة لمواقع إلكترونية ناشئة تمارس الإعلام حتى لا تقع في فخّ التمييع.
وأشار إلى أنه يتأتى بإصدار قانون للإشهار وتنصيب سلطة ضبط الصحافة الإلكترونية أو المجلس الوطني للإعلام وكذلك تحسين جودة الأنترنت وطرح صيغ جديدة تخصّ الإشتراك والدفع الإلكتروني.
بالمقابل الناشرون – يضيف رابح – ملزمون بترقية المادة الإعلامية والمساهمة في إحداث فرز بين المؤسسات الإعلامية الرقمية والمنصات غير الملتزمة بقواعد المهنة أو الهاوية ومن سبل ذلك تكوين الصحفيين والاستفادة من التجارب الأخرى الموجودة في العالم التي سبقتنا في هذا المجال.
مرحلة انتقالية
وفي سياق آخر، قال المتحدث إن الصحافة الإلكترونية في الجزائر تعيش مرحلة انتقالية بعد إصدار المرسوم التنفيذي الذي يحدّد كيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر وسائل الأنترنت وبداية منح شهادة التسجيل للمؤسسات الناشرة.
وشدّد رابح على أن السنوات التي تعطل فيها صدور المرسوم منذ صدور قانون الإعلام لسنة 2012، أثّرت بشكل كبير على واقع المؤسسات الإعلامية التي استثمرت في المجال الرقمي وفتح ذلك المجال للتمييع الذي لا يخدم المهنة ولا النوايا المعلنة لتغيير واقع الإعلام.
واعتبر مدير «سبق برس» الوضع الاقتصادي الذي يشهده البلد على ضوء انتشار وباء كورونا، أنه طرح مشكلة المداخيل بشكل حاد أمام الناشرين على ضوء تراجع الإعلانات الخاصة بشكل كبير وأيضا غياب قانون للإشهار وبقاء حالة الانتظار قائمة في ما يخصّ توزيع الإشهار العمومي على المواقع الإلكترونية وفق معايير محدّدة سلفا.
وجوب فرض رقابة صارمة
مدير موقع «شهاب برس»، فاتح بن حمو، طالب بضرورة فرض رقابة صارمة لتخصيص جزء هام من أموال الإشهار العمومي المتحصّل عليها في تطوير ظروف عمل الصحفيين في المؤسسة، ليؤكد أن من بين سبل تحسين الخدمة هو تمكين الصحافة الإلكترونية من الاشهار لتتمكّن من هيكلة نفسها، وتقديم خدمة راقية.
ويقول بن حمو في اتصال هاتفي مع «الشعب»، إن المواقع تنتظر من الوصاية أن تمكنها من الوصول إلى تحصيل الإشهار وفق قانون مضبوط يراعي خصوصيات كل مؤسسه إعلامية، «دون أن تمسّ بحريتها في تغطية كل الأحداث، والعمل على وضع إطار قانوني للصحافة بشكل عام».
المستقبل للصحافة الإلكترونية
وأشار المتحدث، إلى أن الصحافة الرقمية بالجزائر تعيش تقريبا نفس مسار الصحافة المكتوبه في بداية الانفتاح في تسعينيات القرن الماضي، ليضيف: «الكل يعلم أن المستقبل سيكون للصحافة الإلكترونية، خاصة مع توجّه أغلب الجزائريين إلى الاعتماد، في حياتهم على التكنولوجيا، والوسائط في الوصول للأخبار».
وذكر بن حمو، أن هذا النوع يواجه كثير المشاكل منها المادية، ليتابع: «يعلم أن المال هو عصب أي مؤسسة إعلاميه، والسبيل لذلك هو تحصيل الإشهار، ومنها التقنية والبشرية، حيث إن أخطاء كثير من المواقع ترجع لنقص الخبرة، من جهة، وبعض المشاكل التنظيمية من جهة أخرى».