يحاول الصحفيون يوميا كسب رهان الحفاظ على صحتهم العقلية لأنهم يمارسون مهنة تتضمن ضغوطا كثيرة ويخضعون فيها لتوتر كبير.
يواجه محترفو مهنة الصحافة يوميا وضعيات جد مؤثرة ومؤلمة أحيانا (حوادث، أمراض، فقر، كوارث طبيعية).
ويتعرضون لضغط كبير أثناء بحثهم المستمر عن مصادر المعلومة والحصول على موعد مهني ونقل تصريحات حصلوا عليها بكل أمانة وتسليم مقالاتهم في موعدها وغيرها.
ويتم اختيار هذه المهنة عن “حب” لأنه من الضروري أن “تحب المهنة كي تكون صحفيا” مثلما يقول قدماء المهنة.
“لكنها مهنة قد تؤثر في صحة ممارسها حينما تصل الضغوطات والتوتر إلى حد خارج عن السيطرة”، وفق تأكيد الخبراء.
وأبرز رئيس مصلحة الطب النفسي بالمركز الاستشفائي الجامعي لتيزي وزو، البروفيسور عباس زيري، إشكالية “تضاعف هذا الضغط المرتبط أساسا بطبيعة المهنة، بفعل عوامل أخرى متصلة بالظروف الاجتماعية والشخصية للصحفي”، كما قال.
وذكر على سبيل المثال مشكل الصحفي الذي يتقاضى أجرا زهيدا، بحيث يجد نفسه مضطرا للعمل مع عدة جرائد أو محاولة التوفيق ما بين مهنته كصحفي ومنصب إداري يسترزق منه، في الوقت الذي يظل فيه باله منشغلا بإمكانية فصله عن العمل، وعدم استقراره مهنيا، “ما يجعله في دوامة مستمرة من الضغط”.
ويعاني الصحفي، وفق البروفيسور زيري، من “إشكالية التوصل إلى المعلومة ورفض المصدر التواصل معه خوفا من تشويه أقواله، ما يشكل مصدرا إضافيا للإحباط بالنسبة له”، مؤكدا أن “هذا الوضع يعقد مهنة الصحفي الشريفة المتمثلة في إعلام المواطن والمساهمة في بعض الحالات في اتخاذ القرار.
“هذه الوضعية قد تؤثر على الصحة العقلية للصحفي وتسبب له القلق والخوف والتوتر، بل وحتى الكآبة في بعض الأحيان أو ما يسمى بـ”البورن أوت” أو الإرهاق الحاد، في الوسط المهني”، وفق توضيحات البروفيسور زيري.
وأفاد المختص بالمناسبة بتسجيل مصلحته لعديد من الحالات من هذا النوع أو التي لازالت تعالج على مستواها بسبب مشاكل متعلقة بالقلق والتوتر وعدم الاستقرار والتي بالرغم من ذلك تواصل عملها وتأدية مهامها”، يقول البروفيسور زيري دون إعطاء معلومات أكثر عن هذه الحالات بحكم سرية المهنة.
اقترح في إطار التدابير الرامية لتقليص هذا الضغط الممارس على الصحفي “ضرورة تسوية المشاكل المهنية والاجتماعية التي يعاني منها” مؤكدا أن “الوضعية المهنية المستقرة هي مرادف لحالة عقلية ونفسية مستقرة أيضا”.